نهيه ، فإنّكم إذا فعلتم ذلك أصلح اللَّه حالكم وأجزل أجوركم وأقرّ أعينكم وأعيننا بكم . وعن قريب ترون من صنع اللَّه وفضله ما تحبّونه إن شاء اللَّه . فقالوا : قرّب اللَّه ذلك ويسّره ومدّ في أعمارنا إلى أن نبلغه ، ونراك في المواطن التي يسرّنا أن نراك بها / ، قد أهلك اللَّه عدوّك وأنجز لك اللَّه ما قد وعدك . فقال : قد واللَّه عرّفنا اللَّه عزّ وجلّ من فضله ونعمته ما لا نقادر قدره ولا نقوم بشكره وأسدانا بصنعه وإحسانه ما نحن واثقون بدوامه وتمامه . وربّما كان الشرّ يأتي دفعة والخير يأتي على ترتيب ونظام ويتبع بعضه بعضا ، وعوارف اللَّه عزّ وجلّ لدينا متتابعة متّصلة ، وإنّا لنرجو بفضله أن نطوي الكتاب من آخره مقام جدّنا محمد صلَّى اللَّه عليه وآله و / لا / ندع وراءنا عدّوا إلَّا أمكننا اللَّه عزّ وجلّ منه ، كما وعد ، وهو لا يخلف الميعاد ، أن يمكَّننا في الأرض ويستخلفنا / فيها ويظهر دينه منّا على الدين كلَّه . سيروا في كلاءة [1] اللَّه وحفظه . فقالوا : عن رضى منك يا أمير المؤمنين . فقال : نعم ، رضي اللَّه عنكم وشكر سعيكم وأجزل أجوركم . فقبّلوا الأرض وقالوا : إن رأى مولانا ألَّا ينسانا من فضله ورحمته وبركة دعائه ، فعل . فقال : ما أنسى ذلك لكم إن شاء اللَّه . ثمّ قرّبهم إليه عليه السلام وأسرّ إليهم كلاما وانصرفوا . 113 - وسمعته قبل ذلك يقول وقد دخلوا إليه في مجلسه فخلا بهم طويلا ثمّ خرجوا ، فقال : قلت لهم فيما قلت : إنّه لم يؤخّر الناس إلَّا دعاة السوء إلينا ، فلا واللَّه ما هم لنا بدعاة ولا أولياء بل هم أعداء اللَّه وأعداؤنا / والصادّون عن اللَّه . ولو رأى الناس فيهم خيرا وسمعوا منهم قولا حسنا ، وأدّوا إليهم عنّا ما أودعناهم ، وبلَّغوا عنّا ما حمّلناهم ، لكان الناس أسرع إلينا من الطَّير إلى وكره والماء إلى مقرّه . ولكنّهم حرّفوا وبدّلوا وفتنتهم الدنيا بعاجل حطامها وزيّن لهم الشيطان اقتراف آثامها ، فضلَّوا وأضلَّوا كثيرا وضلَّوا عن سواء السبيل ، وبعد
[1] في الأصل : في كل آية . والكلاءة : الحراسة والحفظ .