فقال : هيهات ! قد واللَّه قرب الأجل وأزف الوقت ! فما كان بأوشك من أن قبض صلوات اللَّه عليه [1] . كلام في مجلس في فضل المعزّ لدين اللَّه عليه السلام : 70 - ( قال ) وسمعته في هذا المجلس يقول : دفع إليّ المنصور باللَّه عليه السلام / كتابا بخطَّ المهديّ فيه حروف المعجم بخطَّ كان الإمام قبله يكاتب به الدعاة . فقال المنصور باللَّه ( ع ) : انقله بخطَّك . وقد كان عرّفني معناه . ثمّ قال لي : لمّا أزمع القائم بأمر اللَّه ( صلع ) على الخروج إلى المغرب جمع ولده وأنا فيهم فقال : أنتم ترونني وما أخرج عليه من هذه العلَّة التي تعرض لي وما أخلف مولانا - يعني المهديّ ( ع ) - فيه من العلَّة ، ولا أدري ما يكون من أمر اللَّه . وهذا قلم يتوارثه الأئمّة يكتبون به أسرارهم ، وبيانه وشرحه تحته يكون عندكم . فما كتبت به إليكم عرفتموه وما أردتم ستره كاتبتموني به . قال المنصور : فقال لي أحد الإخوة سرّا : هذه / أب ت ث عرفناها ، فكيف نكتب بذلك ؟ فغمزته وقلت له : اسكت ويحك ! وإذا عرفت هذه الحروف فماذا بقي عليك ؟ ( قال ) فنظر القائم إليّ فقال : ما قال لك ؟ قلت : شيئا ذكره يا مولاي ، وطارحته الحديث [2] . وبادر المتكلَّم فذكر له ما ذكر لي ، فتغيّر وجه القائم صلَّى اللَّه عليه وقال : إنّا للَّه على المصيبة بكم ! وانتهرنا وأخرجنا من بين يديه ولم يمكنّي أن أعتذر عنده ولا أضيف ذلك الجهل إلى قائله . فخرجت ، فوقفت من وراء الباب فسمعته يقول لبعض الأهل : خذي هذا الكتاب فمن سألك من هؤلاء إيّاه فادفعيه إليه . فسررت بذلك ، فلمّا خرج / سألتها الكتاب فدفعته إليّ ، وهو عندي إلى اليوم . قال المعزّ عليه السلام : فأخذته فنسخته كما أمر . ثمّ دفع إليّ بعد ذلك خطَّا بقلم يشبه حروف ذلك الخطَّ فإذا اعتبرت لم يبن عن كلام صحيح ، وقال لي :
[1] انظر وصفا لمرض المنصور في ص 81 ، وكذلك ص 104 . [2] وطارحته الحديث : لعله يقصد أنه صرف الحديث وجهة أخرى ، فالسياق يدل أنه لم يكشف سر صاحبه .