فدم الحسين ( عليه السلام ) هو من دم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو منه ، وقد استفاض الخبر أنه قال في حقّه : حسين مني وأنا من حسين ، فكيف لا يكون مفجوعاً به ؟ وكيف لا يكون أعظمَ الناس حسرةً وتفجُّعاً وحزناً عليه ؟ ورحم الله منصور النمري إذ يقول في حزن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على سبطه وريحانته الحسين ( عليه السلام ) : < شعر > وَيْلَكَ يَا قَاتِلَ الحسينِ لَقَدْ * بُؤْتَ بحَمْل يَنُوءُ بالحاملِ أيَّ حِباً حَبَوْتَ أحمدَ في * حُفْرَتِهِ من حرارةِ الثَّاكِلِ تَعَالَ فاطْلُبْ غداً شَفَاعَتَهُ * وانْهَضْ فَرِدْ حَوْضَه مع الناهلِ ( 1 ) . < / شعر > فمما لا شك فيه أن أول من يُعزَّى بالحسين ( عليه السلام ) هو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جدّه ، الذي طالما كان يفدّيه بنفسه الشريفة ، وقد كان يحمله وأخاه على منكبيه ، وهو سبطه وفرخه وثمرة فؤاده ، والحسين ( عليه السلام ) هو المذكِّر برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومحيي سنّته ، وحافظ شريعته ، وكان الناس إذا رأوا الحسين ( عليه السلام ) يرون في وجهه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ويتذكَّرون مكانه منه ، وكيف كانت منزلته عنده ، قال زهير بن القين رضي الله تعالى عنه - لعذرة بن قيس لما عاتبه على اتباعه للحسين ( عليه السلام ) - : فلمَّا رأيته ذكرت به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوِّه ، فرأيت أن أنصره ، وأن أكون في حزبه ، وأن أجعل نفسي دون نفسه ، حفظاً لما ضيَّعتم من حق الله وحقَّ رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ( 2 ) . فإنّا لله وإنا إليه راجعون ، فقد انتهكوا حرمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقتلهم الحسين وأهل بيته وأولاده ، ومن يشكّ في ذلك ؟ فقد روي عن سيّد شباب أهل الجنة صلوات الله عليه أنه قال لما قُتل علي الأكبر ( عليه السلام ) : قتل الله قوماً قتلوك ، يا بنيّ ما أجرأهم على الله ، وعلى انتهاك حرمة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، ثمَّ قال : على الدنيا بعدك