مطرف بن المغيرة بن شعبة الثقفي ، قال ابن بكار : سمعت المدائني يقول : قال مطرف بن المغيرة : وفدت مع أبي المغيرة إلى معاوية ، فكان أبي يأتيه فيتحدَّث معه ثمَّ ينصرف إليَّ فيذكر معاوية ، ويذكر عقله ، ويعجب مما يرى منه ، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ، فرأيته مغتمّاً ، فانتطرته ساعة ، وظننت أنه لشيء حدث فينا ، أو في عملنا ، فقلت له : مالي أراك مغتمّاً منذ الليلة ؟ قال : يا بني ! إني جئت من عند أخبث الناس ، قلت له : وما ذاك ؟ قال : قلت له وقد خلوت به : إنك قد بلغت سنّاً يا أمير المؤمنين ! فلو أظهرت عدلا ، وبسطت خيراً ، فإنك قد كَبُرت ، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم ، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه ؟ فقال لي : هيهات هيهات ، ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل ، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلاَّ أن يقول قائل : أبو بكر ، ثمَّ ملك أخو عديٍّ فاجتهد وشمَّر عشر سنين ، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلاَّ أن يقول قائل : عمر ، ثمَّ ملك أخونا عثمان ، فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه ، فعَمِل ما عَمِل وعُمل به ما عُمل ، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره ، وذكر ما فُعل به ، وإن أخا هاشم يُصرخ به في كل يوم خمس مرات : أشهد أن محمّداً رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأيُّ عمل يبقى مع هذا لا أم لك ؟ والله إلاَّ دفناً دفناً ( 1 ) . وقال معاوية لمَّا سمع المؤذِّن يقول : أشهد أن محمّداً رسول الله : لله أبوك يا ابن عبد الله ! لقد كنت عالي الهمّة ، ما رضيت لنفسك الاَّ أن تقرن اسمك باسم ربِّ العالمين ( 2 ) .
1 - مروج الذهب ، المسعودي : 3 / 454 ، الأخبار الموفقيات ، الزبير بن بكار : 576 - 577 ، النصائح الكافية ، محمد بن عقيل : 116 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 9 / 238 . 2 - شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 10 / 101 .