قال : ثم جعل يبكي عند القبر حتى إذا كان قريباً من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى ، فإذا هو برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله وبين يديه حتى ضمَّ الحسين إلى صدره ، وقبَّل بين عينيه وقال : حبيبي يا حسين ، كأني أراك عن قريب مرمَّلا بدمائك ، مذبوحاً بأرض كرب وبلاء ، بين عصابة من أمتي ، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروى ، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي ، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، حبيبي يا حسين ، إن أباك وأمَّك وأخاك قدموا عليَّ وهم مشتاقون إليك ، وإن لك في الجنان لدرجات لن تنالها إلاَّ بالشهادة . قال : فجعل الحسين ( عليه السلام ) في منامه ينظر إلى جدِّه ويقول : يا جدَّاه ، لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا ، فخذني إليك وأدخلني معك في قبرك ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا بدَّ لك من الرجوع إلى الدنيا حتى ترزق الشهادة ، وما قد كتب الله لك فيها من الثواب العظيم ، فإنك وأباك وأخاك وعمَّك وعمَّ أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة ، حتى تدخلوا الجنة . ولله درّ المرحوم الشيخ عبد المنعم الفرطوسي عليه الرحمة إذ يقول : < شعر > أفدي حسيناً حين خفَّ مودِّعاً * قبراً به ثقلُ النبوةِ أودعا وافى إلى توديعِهِ وفؤادُهُ * بمُدَى الفراقِ يكادُ أن يتقطَّعا وغدا يبثُّ له زفيرَ شجونِهِ * بشكاتِهِ والطرفُ يذري الأدمعا يا جدُّ حسبي ما أُكابدُ من عناً * في هذه الدنيا يقضُّ المضجعا فأجابه صبراً بُنيَّ على الأذى * حتى تنالَ بذا المقامَ الأرفعا ولقد حباك اللهُ أمراً لم يكن * بسوى الشهادةِ ظهرُهُ لك طيِّعا وكأنني بك يا بنيُّ بكربلا * تمسي ذبيحاً بالسيوف مبضَّعا ولقد رآه بمشهد من زينب * هو والوصيُّ وأمُّه الزهرا معا < / شعر >