وقد ذهبت ، وأمّا اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم . فاغتمَّ لذلك دعبل غماً شديداً وجزع عليها جزعاً عظيماً ، ثمَّ إنه ذكر ما كان معه من وصلة الجبّة ، فمسحها على عيني الجارية وعصَّبها بعصابة منها أول الليل ، فأصبحت وعيناها أصحّ مما كانتا قبل ، ببركة أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ( 1 ) . وفي رواية عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : لما أنشدت مولاي الرضا ( عليه السلام ) قصيدتي التي أولها : < شعر > مدارسُ آيات خلت من تلاوة * ومنزلُ وحي مُقْفِرُ العَرَصَاتِ < / شعر > فلمَّا انتهيت إلى قولي : < شعر > خروجُ إمام لا محالةَ خارجٌ * يقومُ على اسمِ اللهِ والبركاتِ يُميِّزُ فينا كلَّ حقٍّ وباطل * ويجزي على النعماء والنَّقِمَاتِ < / شعر > بكى الرضا ( عليه السلام ) بكاء شديداً ، ثم رفع رأسه إليَّ فقال لي : يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ؟ ومتى يقوم ؟ فقلت : لا يا سيدي ، إلاَّ إني سمعت بخروج إمام منكم يُطهِّر الأرض من الفساد ويملأها عدلا ، فقال : يا دعبل ، الإمام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم ، المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلاَّ يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جوراً وظلماً ، وأما متى فإخبار عن الوقت ، ولقد حدَّثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قيل له : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، متى يخرج القائم من ذريّتك ؟ فقال : مثله مثل الساعة * ( لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالاَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً ) * ( 2 ) .
1 - عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الشيخ الصدوق : 1 / 294 . 2 - عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الشيخ الصدوق : 1 / 296 .