وفيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فقال : يا عمر ، إن بيني وبينك قرابة ، ولي إليك حاجة ، وقد يجب لي عليك نجح حاجتي ، وهي سرٌّ ، فامتنع عمر أن يسمع منه ، فقال له عبيد الله بن زياد : لم تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمّك ؟ فقام معه فجلس حيث ينظر إليهما ابن زياد ، فقال له : إن عليَّ بالكوفة ديناً استدنته منذ قدمت الكوفة سبع مائة درهم ، فبع سيفي ودرعي فاقضها عني ، وإذا قتلت فاستوهب جثتي من ابن زياد فوارها ، وابعث إلى الحسين ( عليه السلام ) من يردّه ، فإني قد كتبت إليه أعلمه أن الناس معه ، ولا أراه إلاّ مقبلا . فقال عمر لابن زياد : أتدري - أيها الأمير - ما قال لي ؟ إنه ذكر كذا وكذا فقال ابن زياد : إنه لا يخونك الأمين ، ولكن قد يؤتمن الخائن ، أمّا ماله فهو له ، ولسنا نمنعك أن تصنع به ما أحبَّ ، وأمّا جثّته فإنا لا نبالي إذا قتلناه ما صُنع بها ، وأمّا حسين فإنه إن لم يردنا لم نرده . ثمَّ قال ابن زياد : إيه ابن عقيل ، أتيت الناس وهم جمع فشتَّت بينهم ، وفرّقت كلمتهم ، وحملت بعضهم على بعض ، قال : كلا لست لذلك أتيت ، ولكنَّ أهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم ، وسفك دماءهم ، وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر ، فأتيناهم لنأمر بالعدل ، وندعو إلى الكتاب ، فقال له ابن زياد : وما أنت وذاك يا فاسق ؟ لِمَ لمْ تعمل فيهم بذلك إذ أنت بالمدينة تشرب الخمر ؟ قال مسلم : أنا أشرب الخمر ؟ أما - والله - إن الله ليعلم أنك غير صادق وأنك قد قلت بغير علم ، وأني لست كما ذكرت ، وأنك أحقّ بشرب الخمر مني ، وأولى بها من يلغ في دماء المسلمين ولغاً ، فيقتل النفس التي حرَّم الله قتلها ، ويسفك الدم الذي حرَّم الله على الغصب والعداوة ، وسوء الظن ، وهو يلهو ويلعب ، كأن لم يصنع شيئاً . فقال له ابن زياد : يا فاسق ، إن نفسك منَّتك ما حال الله دونه ، ولم يرك الله له