أصحاب أبيك الذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل ، إن أهل الكوفة قد كذبوك وليس لمكذوب رأي ، فقال ابن الأشعث : والله لأفعلنَّ ولأعلمن ابن زياد أني قد أمنتك . قال الشيخ المفيد عليه الرحمة : وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر ، واستأذن فأذن له ، فدخل على عبيد الله بن زياد ، فأخبره خبر ابن عقيل ، وضرب بكر إياه ، وما كان من أمانه له ، فقال له عبيد الله : وما أنت والأمان ؟ كأنّا أرسلناك لتؤمنه ، إنما أرسلناك لتأتينا به ، فسكت ابن الأشعث وانتهى بابن عقيل إلى باب القصر ، وقد اشتدَّ به العطش ، وعلى باب القصر ناس جلوس ، ينتظرون الإذن ، فيهم عمارة بن عقبة بن أبي معيط ، وعمرو بن حريث ، ومسلم بن عمرو ، وكثير بن شهاب ، وإذا قلّةٌ باردةٌ موضوعةٌ على الباب ، فقال مسلم : اسقوني من هذا الماء . فقال له مسلم بن عمرو : أتراها ما أبردها ؟ ! لا والله لا تذوق منها قطرة أبداً حتى تذوق الحميم في نار جهنم ، فقال له ابن عقيل : ويحك ، من أنت ؟ فقال : أنا الذي عرف الحق إذ أنكرته ، ونصح لإمامه إذ غششته ، وأطاعه إذ خالفته ، أنا مسلم بن عمرو الباهلي ، فقال له ابن عقيل : لأمك الثكل ، ما أجفاك وأقطعك وأقسى قلبك ! أنت - يا ابن باهلة - أولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني . ثم جلس فتساند إلى حائط ، وبعث عمرو بن حريث غلاماً له فأتاه بقلّة عليها منديل وقدح ، فصبَّ فيه ماء ، فقال له : اشرب ، فأخذ كلّما شرب امتلأ القدح دماً من فمه ، ولا يقدر أن يشرب ، ففعل ذلك مرتين ، فلمَّا ذهب في الثالثة ليشرب سقطت ثناياه في القدح ، فقال : الحمد لله ، لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته . ولله درّ من قال من الشعراء : < شعر > عينُ جودي لمسلمِ بنِ عقيلِ * لرسولِ الحسينِ سبطِ الرسولِ < / شعر >