عقيل عند أمه ، فأقبل عبد الرحمن حتى أتى أباه وهو عند ابن زياد فسارَّه ، فعرف ابن زياد سراره ، فقال له ابن زياد بالقضيب في جنبه : قم فأتني به الساعة ، فقام وبعث معه قومه لأنه قد علم أن كل قوم يكرهون أن يصاب فيهم مثل مسلم بن عقيل . فبعث معه عبيد الله بن عباس السلمي في سبعين رجلا من قيس حتى أتوا الدار التي فيها مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) ، فلمَّا سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال علم أنه قد أتي . ( وفي رواية : فعجَّل دعاءه الذي كان مشغولا به بعد صلاة الصبح ، ثمَّ لبس لامته وقال لطوعة : قد أدَّيتِ ما عليك من البر ، وأخذتِ نصيبك من شفاعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولقد رأيت البارحة عمي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في المنام وهو يقول لي : أنت معي في الجنة ) ( 1 ) وخرج إليهم مصلتاً سيفه وقد اقتحموا عليه الدار ، فشدَّ عليهم يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من الدار ، قال ابن شهر آشوب عليه الرحمة : فحمل مسلم عليهم وهو يقول : < شعر > هو الموتُ فاصنع وَيْكَ ما أنت صَانِعُ * فأنتَ لكأسِ الموتِ لا شكَّ جَارِعُ فصبراً لأمرِ اللهِ جَلَّ جلالُهُ * فَحُكْمُ قَضَاءِ اللهِ في الخلقِ ذائعُ < / شعر > فقتل منهم واحداً وأربعين رجلا ( 2 ) قال محمد بن أبي طالب : لما قَتل مسلم منهم جماعة كثيرة ، وبلغ ذلك ابن زياد ، أرسل إلى محمد بن الأشعث يقول : بعثناك إلى رجل واحد لتأتينا به ، فثلم في أصحابك ثلمة عظيمة ، فكيف إذا أرسلناك إلى غيره ؟ فأرسل ابن الأشعث : أيها الأمير ، أتظنّ أنك بعثتني إلى بقَّال من بقالي الكوفة ، أو إلى جرمقاني من جرامقة
1 - نفس المهموم ، الشيخ عباس القمي : 56 . 2 - مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 4 / 93 ، مقتل الحسين ( عليه السلام ) ، المقرم : 159 .