ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذو الشرف الأصيل ، والرأي الأثيل ، له فضل لا يوصف ، وعلم لا يُنزف ، وهو أولى بهذا الأمر لسابقته وسنّه وقدمته وقرابته ، يعطف على الصغير ، ويحنو على الكبير ، فأكرم به راعي رعية ، وإمام قوم ، وجبت لله به الحجّة ، وبلغت به الموعظة ، ولا تعشوا عن نور الحق ، ولا تسكعوا في وهدة الباطل ، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل ، فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله ونصرته ، والله لا يقصر أحد عن نصرته إلاَّ أورثه الله الذل في ولده ، والقلة في عشيرته ، وها أنا قد لبست للحرب لامتها ، وادّرعت لها بدرعها ، من لم يقتل يمت ، ومن يهرب لم يفت ، فأحسنوا رحمكم الله ردّ الجواب . فتكلَّمت بنو حنظلة فقالوا : أبا خالد ! نحن نبل كنانتك ، وفرسان عشيرتك ، إن رميت بنا أصبت ، وإن غزوت بنا فتحت ، لا تخوض والله غمرة إلاَّ خضناه ، ولا تلقى والله شدّة إلاّ لقيناها ، ننصرك بأسيافنا ، ونقيك بأبداننا ، إذا شئت . وتكلمت بنو سعد بن زيد ، فقالوا : أبا خالد ! إن أبغض الأشياء إلينا خلافك والخروج من رأيك ، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال فحمدنا أمرنا وبقي عزّنا فينا ، فأمهلنا نراجع المشورة ويأتيك رأينا . وتكلَّمت بنو عامر بن تميم فقالوا : يا أبا خالد ! نحن بنو أبيك وحلفاؤك ، لا نرضى إن غضبت ، ولا نقطن إن ظعنت ، والأمر إليك فادعنا نجبك ، ومرنا نطعك ، والأمر لك إذا شئت . فقال : والله - يا بني سعد - لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم أبداً ، ولا زال سيفكم فيكم . ثم كتب إلى الحسين صلوات الله عليه : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، أمّا بعد ، فقد وصل إليَّ كتابك ، وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له ، من الأخذ بحظي من طاعتك ، والفوز بنصيبي من نصرتك ، وإن الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها