نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 354
البناءة فحسب ، بل إن إقامة هذا الحق واجب عليهم كتكليف إلهي . ويرى القادة الربانيون الكبار أن التملق مذموم ، وأن النقد البناء هدية كبيرة ، ويعرفون الناقد على أنه أفضل صديق وأحب أخ إليهم . قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " أحب إخواني إلي من أهدى إلي عيوبي " [1] . وهكذا يعلم قادة ديننا الناس استثمار حق النقد لإصلاح السلوك الفردي ، وإحياء الحقوق الاجتماعية . انتقدوني ! كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قائدا كاملا بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ومعصوما حسب الأدلة القوية القاطعة . ولا ريب في سداد آرائه وأفكاره وممارساته ، بيد أنه في الوقت نفسه لا يأذن للناس أن ينقدوه فحسب ، بل يريد منهم - بجد - أن يجتنبوا التملق الذي يمثل عادة عامة عند مواجهة الجبابرة المستكبرين . وإذا شاهدوا منه رأيا أو عملا خاطئا بزعمهم فعليهم أن ينقدوه بلا وجل ، ويكونوا واثقين من أنه لا يمتعض من النقد ، بل يمتعض من التملق والإطراء في غير محله . والأعجب من ذلك كله أن الإمام ( عليه السلام ) لا يسمح بنقده في الظروف الاعتيادية والطبيعية للمجتمع الإسلامي فحسب بل يسمح به أيضا في أحرج ظروف الحكومة وفي أشد الحروب التي وقعت أيام خلافته ، أي : في حرب صفين . ألقى الإمام ( عليه السلام ) خطبة حماسية تحدث فيها عن الحقوق المتبادلة بين القائد والناس ، ودور هذه الحقوق في بقاء الحكومات أو سقوطها ، والتأكيد على ضرورة رعاية الناس حقوق القيادة . عندها اهتاج أحد أصحابه ( عليه السلام ) اهتياجا شديدا ، وطفق يثني على الإمام ويمجده وهو يعلن عن طاعته على أسلوب المداحين جميعهم .