نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 307
تعجبه منه ، فبكى الأحنف . فقال معاوية : ما يبكيك ؟ ! قال : لله در ابن أبي طالب ! لقد جاد من نفسه بما لم تسمح به أنت ولا غيرك . فقال : وكيف ؟ قال : دخلت عليه ليلة عند إفطاره ، فقال لي : قم وتعش مع الحسن والحسين . ثم قام إلى الصلاة ، فلما فرغ دعا بجراب مختوم بخاتمه ، فأخرج منه شعيرا مطحونا ، ثم ختمه . فقلت : يا أمير المؤمنين ، لم أعهدك بخيلا ، فكيف ختمت على هذا الشعير ؟ ! فقال : لم أختمه بخلا ، ولكن خفت أن يبسه الحسن والحسين بسمن أو أهالة فقلت : أحرام هو ؟ قال : " لا ، ولكن على أئمة الحق أن يتأسوا بأضعف رعيتهم حالا في الأكل واللباس ، ولا يتميزون عليهم بشئ لا يقدرون عليه ، ليراهم الفقير فيرضى عن الله تعالى بما هو فيه ، ويراهم الغني فيزداد شكرا وتواضعا " [1] . الموضوع المهم هنا هو : من ذا الذي يستطيع أن يعيش عيشة الفقراء أو عيشة أفقر الناس وبيده جميع الإمكانيات المتوفرة في البلاد ؟ ! إن زعم المقتدرين العيش كأفقر الناس شعار جميل جذاب على مستوى الألفاظ ، ولكن تطبيقه في غاية الصعوبة . ولا يعمل به إلا من تغلب على نفسه الأمارة وكما قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " أول عدله نفي الهوى عن نفسه " [2] . وكان كذلك هذا الإمام العظيم