نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 261
وإرجاعهم . وسرعان ما انتشر الإسلام ، فدفعهم ذلك إلى مواجهة أبي طالب بنحو أشد من السابق ، وتهديد بالحرب إذا ظل على دعمه للنبي ( صلى الله عليه وآله ) . قالوا له : " يا أبا طالب ، إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، إنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا ، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين " . وهذه المرة أيضا أجابهم أبو طالب بهدوء يعبر عن مدى كياسته وفراسته قائلا لهم : حسنا ، سأبلغ ابن أخي ما تريدون ! ذهبوا عنه ، فتحدث مع ابن أخيه وأبلغه كلامهم منتظرا جوابه الذي يحدد ميزان اعتقاده وإيمانه بهدفه ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) بحزم تام : " يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته " . ثم فارق أبا طالب وعيناه مغرورقتان بالدموع ، ولم يبتعد كثيرا حتى ناداه وهو متأثر بكلامه الذي يملك القلب ، وبإيمانه القاطع بهدفه ، فقال : " اذهب يا ابن أخي ، فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشئ أبدا " [1] . واصل زعماء قريش سياستهم في الحد من انتشار الإسلام ، واستخدموا مكائد وحيلا مختلفة كالترهيب والترغيب والقذف وضروب الأذى النفسي والبدني . بيد أن إيمان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بهدفه المقدس كان قويا إلى درجة أن كل شئ لم يستطع أن يصده عن مواكبته . ولا يداخلنا الشك أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لو كان يشعر بأدنى ضعف في اعتقاده لما