نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 260
بالإيمان به ، وكل باحث منصف يدرس سيرته ( صلى الله عليه وآله ) يستطيع أن يستنتج بسهولة أنه كان يعتقد بما يقول ، بل كان حائزا على أرفع درجات الاعتقاد . وبين القرآن الكريم إيمانه واعتقاده ( صلى الله عليه وآله ) بالأهداف الإلهية بقوله : * ( آمن الرسول بما انزل إليه من ربه ) * [1] . وحياته بأسرها آية على إيمانه بأهداف رسالته ، ودليل قاطع على تمكنه من إقناع الآخرين بالإيمان بها . وفيما يأتي نموذج رائع يمكن أن يثبت هاتين المزيتين ، ويتمثل في حادثة وقعت في بداية الرسالة : صدع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بدعوته تدريجا ، وكان ملموسا منذ الأيام الأولى للدعوة أن دعايات الأعداء والعراقيل التي كانوا يضعونها في طريق الدعوة لم تجد شيئا ، فدخلت الدعوة في قلوب الناس سريعا ، وكان عدد المسلمين الذين آمنوا بذلك القائد السماوي يزداد على تواتر الأيام . وبلغت جاذبية الإسلام ونفوذه في قلوب الناس مبلغا شعر فيه عتاة قريش بالخطر ، إذ كانوا يرون بجلاء أن الأوضاع لو استمرت على هذا النسق فإن معظم الناس سيغيرون عقيدتهم ويركنون إلى الإسلام وقيادة نبيه . من هنا عزموا على مواجهة هذا الخطر ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا . ذهبوا في البداية إلى أبي طالب الحامي الوحيد للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ورئيس قبيلة بني هاشم ، فطلبوا منه أن يكف عن دعم النبي ، وكان طلبهم - على ما نقل ابن هشام في سيرته - كالآتي : " يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه " . لم يجبهم أبو طالب جوابا مقنعا ، وأبدى موقفا سياسيا قويا من خلال تهدئتهم