نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 165
يومئذ . روى السيد ابن طاووس أن الإمام ( عليه السلام ) كان مع أصحابه ذات يوم فسمع ضوضاء ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : هلك معاوية . ومن الطبيعي أن خبرا كهذا لابد أن يحظى بأهمية فائقة ، لأن أكبر عدو للإسلام والإمام والحكومة الإسلامية قد هلك ، وتكفي إشاعته وحدها أن تسر كل سامع . بيد أن القوم اندهشوا إذ لم يلمحوا أي سرور على محيا إمامهم فقد نطق بهذه الكلمات المرة بكل هدوء : " كلا ، والذي نفسي بيده لا يموت حتى يجتمع هذا الأمر في يده " . وكان هذا الكلام الذي أخبر به الإمام عن المستقبل بعد تلك الإشاعة المفرحة كالماء البارد ، إذ أخمد جذوة الأمل التي كانت قد اتقدت في قلوب أناس حاربوا إلى جانب إمامهم عدد سنين رجاء النصر ، فلم يبق مجال للكلام . والمسألة المهمة الوحيدة التي كانت تدور في خلد من سمع كلامه ( عليه السلام ) هي أن من يعلم بعقم جهوده في حرب دموية خطرة ويعرف أن النصر سيكون لعدوه كيف يبذل مساعيه كلها في تلك الحرب ويدعو الناس إلى قتال معاوية ؟ ! ومزق الصمت أحد الحاضرين فسأل الإمام ( عليه السلام ) عن جدوى القتال إذا كان يعلم أن النصر سيكون لمعاوية وأنه سيمسك بزمام الأمور وقال : فعلى ما تقاتله ؟ ! وأجابه الإمام ( عليه السلام ) بكلام رائع يعد ميثاقا خالدا لأتباع الإسلام الأصيل . قال ( عليه السلام ) : " أبلى عذرا فيما بيني وبين الله عز وجل " [1] . أي : أنا أعلم أن معاوية سيقبض على مقاليد الأمور ، ولكن هذا لا يدعوني إلى