نام کتاب : القرآن والعقيدة نویسنده : السيد مسلم الحلي جلد : 1 صفحه : 73
متشابهة ، فكيف - والحال هذه - يليق بالحكيم أن ينزل الكتاب الذي هو مصدر الأحكام والتشريع ، ومرجع العقائد والآداب ، من يومه إلى يوم الدين ، بهذا الحال المضطرب ؟ وكان الواجب في الحكمة أن يجعله واضحا جليا ليحق الحق ويبطل الباطل ، فلا يكون بما له من الصراحة مستمسك للباطل بوجه من الوجوه . أجيب عن ذلك بوجوه : الأول : أنه متى كانت المتشابهات في القرآن كان الوصول إلى الحق أصعب وأشق ، وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب ، قال الله تعالى : * ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) * [1] . الوجه الثاني : أن القرآن لو كان كله محكما بالكلية لما كان مطابقا لمذهب واحد ، وكان تصريحه مبطلا لما سوى ذلك المذهب ، وكان مما ينفر أرباب المذاهب عن قبوله وعن النظر فيه ، فالانتفاع به إنما حصل حيث كان مشتملا على المحكم وعلى المتشابه ، فحينئذ ينظر فيه جميع أرباب المذاهب ، ويجتهد في التأمل فيه كل صاحب مذهب أن يجد فيه ما يقوي مذهبه ويؤيد رأيه ، فحينذاك ينظر فيها جميع أرباب المذاهب ، ويجتهد في التأمل فيه كل صاحب مذهب ، فإذا بالغوا في ذلك صارت المحكمات مفسرة للمتشابهات ، فبهذا الطريق يتخلص المبطل عن باطله ، ويصل إلى الحق والحقيقة . الوجه الثالث : أن القرآن إذا كان مشتملا على المحكم والمتشابه ، افتقر الناظر فيه إلى الاستعانة بدليل العقل ، وحينئذ يتخلص من ظلمة التقليد ويصل إلى ضياء الاستدلال والبينة ، أما لو كان كله محكما لم يفتقر إلى التمسك بالدلائل العقلية ،