نام کتاب : القرآن والعقيدة نویسنده : السيد مسلم الحلي جلد : 1 صفحه : 154
هذا حفظا لرفعة مقام الواعظ وجلالة قدر الواعظين ، ولكن هذه ملحوظة قد نقول إنها ترفع إن أعطينا النظر حقه من التأمل والإمعان ، فأي ضرر يلحق الواعظ الصادق والمرشد الناصح إذا لم يلاق قبولا ولم يصادف قلوبا واعية وآذانا صاغية ، وهو لم يأل جهدا في جهاد ، ولم يقصر حسب طاقته عن نصح وإرشاد ، وأي عار على المخلصين إذا لم تخلص إليهم الأفئدة والقلوب ؟ وما ذلك لهم تحت الاختيار ، وليس التشبيه يقتضي حفظ المشبه به بالمشبه من جميع الجهات ، بل جهة واحدة تكفي لصحة التشبيه ، فالصورة التي استبشعها شيخنا في مقام التشبيه هي أبلغ صورة في التشبيه . وبعد ، فإن سنة الكون الطبيعية المطردة جرت في كل أعمال البشرية أن لا تأخذ آثارها فتفوز بنصيب من النجاح إلا حيث يتكافأ الفاعل والقابل ، فالفاعل لا يؤثر أثره المطلوب إن لم يقع من القابل قبول المحبوب ، وهذا الأمر جار في كل عمل باطراد ، فالزارع الذي يلقي بذره في أرض سبخة هو غير الزارع الذي يلقي بذره في أرض طيبة ، فذلك لا يرجو ثمارها واستثمارها ولا ضير عليه غير أن الأرض فاقدة للاعداد والاستعداد ، وهذا يستثمرها في كل حال ، وما ذلك إلا لأن الأرض تأتي ثمرها كل حين بإذن ربها والله يضرب الأمثال . وثانيتهما : - أعني ثاني الملحوظتين - أن المثل لا ينطبق على الممثل به تمام الانطباق ، وذلك لأن الناعق بالأغنام ناجح في أغلب الأحوال ، وواعظ الكافرين لا ينجح في حال من الأحوال . وهذه ملحوظة عرفت جوابها في طي جواب الملحوظة الأولى ، وهي أن التشبيه لا يقتضي وقوع المشابهة بين المشبه والمشبه به من جميع الجهات ، بل جهة واحدة تكفي عن كثير من الجهات . وربما يضاف إلى هاتين الملحوظتين ملحوظة أخرى : هي أن هذا الوجه
154
نام کتاب : القرآن والعقيدة نویسنده : السيد مسلم الحلي جلد : 1 صفحه : 154