نام کتاب : القرآن والعقيدة نویسنده : السيد مسلم الحلي جلد : 1 صفحه : 124
هذا كلامه ( قدس سره ) ، وكأن المقصود منه هو أن البداء بهذا المعنى هو المعنى المفهوم من عالمي المحو والإثبات ، كما قال تعالى : * ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) * [1] أو إثبات أن الله تعالى مختار مطلوب في كل الأفعال التكوينية ، وفي كل الإرادات ، في كل الأمور ، في مختلف الأحوال والشؤون . ومنها : ما هو المنقول عن السيد الداماد : وهو أن البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع ، فما هو في الأمر التشريعي والأحكام التكليفية نسخ ، هو في الأمر التكويني والمكونات الزمانية بداء ، فالنسخ كأنه بداء تشريعي ، والبداء كأنه نسخ تكويني ، وكما أن حقيقة النسخ - عند التحقيق - انتهاء الحكم التشريعي وانقطاع استمراره لا رفعه ولا ارتفاعه عن وعاء الواقع ، فكذا حقيقة البداء - عند الفحص البالغ - إثبات الاستمرار التكويني وانتهاء اتصال الإفاضة ، فكأن مرجعه عنده إلى تحديد زمان الكون وتخصيص وقت الإفاضة لا أنه ارتفاع المعلول الكائن عن وقت كونه وبطلانه في حد حصوله . ومنها : هو أن الأمور - كلها عامها وخاصها ، ومطلقها ومقيدها ، وناسخها ومنسوخها ، ومفرداتها ومركباتها ، وإخباراتها وإنشاءاتها ، بحيث لا يشذ عنها شئ - منقوشة في اللوح والفائض على الملائكة ، والنفوس العلوية ، والنفوس السفلية ، قد يكون الأمر العام والمطلق حسبما تقتضيه الحكمة الكاملة من الفيضان في ذلك الوقت ، ويتأخر المبين إلى وقت تقتضي الحكمة فيضانه فيه ، وهذه النفوس العلوية وما يشبهها يعبر عنه بكتاب المحو والإثبات ، والبداء عبارة عن هذا التغير في ذلك الكتاب من إثبات ما لم يكن مثبتا ومحو ما يثبت فيه ، هذا ولا يخفى أن هذا الوجه يرجع إلى بعض الوجوه السابقة فلا ينبغي عده وجها مستقلا على حدة .