نام کتاب : القرآن والعقيدة نویسنده : السيد مسلم الحلي جلد : 1 صفحه : 153
ومثل الذي يعظ الكفار أو يدعوهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع . أجيب عن هذه الآية الكريمة بوجوه أنهاها سيدنا علم الهدى الشريف المرتضى رضوان الله عليه في كتابه " الغرر والدرر " المشهور ب " الأمالي " [1] إلى خمسة وجوه : أولها : أن يكون المعنى : مثل واعظ الذين كفروا والداعي لهم إلى الإيمان والطاعة ، كمثل الراعي الذي ينعق بالغنم وهي لا تعقل معنى دعائه وإنما تسمع صوته ولا تفهم غرضه ، والذين كفروا بهذه الصفة لأنهم يسمعون وعظ النبي وإنذاره فينصرفون عن قبول ذلك ، ويعرضون عن تأمله ، فيكونون بمنزلة من لم يعقل ولم يفهم ، لاشتراكهما في عدم الانتفاع . هذا الوجه الأول من الوجوه التي ذكرها سيدنا المرتضى ( قدس سره ) ، ويظهر منه ( قدس سره ) أنه ارتضاه ، وقد ارتضاه أيضا جملة من المفسرين ، لكن شيخنا المجاهد الحجة البلاغي ( قدس سره ) لم يرتضه في " هداه " حيث قال ( قدس سره ) في الكتاب المذكور من جملة ما قال : حاشا الله وبلاغة القرآن أن يصف وعظ الواعظ الهادي وإرشاده الشافي بالنعيق المهمل ، ويعيب إرشاده بعيب غيره ، بل حاشا كل من يعرف مواقع الكلام عن ذلك ، هب ذلك ولكن المثل الشريف حينئذ يخطئ مرماه ، ويلغو معناه ، فإن الناعق بالأنعام طالما ينجح بنعيقه بها ويندر أن لا تجيبه بإقبالها وانزجارها وإن كان نعيقه مهملا ، وأين ذلك من خيبة واعظ الكفار الذين جروا على ما ألفوا عليه آباءهم ؟ وأنت ترى أن للشيخ المجاهد على هذا الوجه ملحوظتين من النظر : إحداهما : الإرباء والتنزيه لشأن الواعظ أن يشبه بالناعق ووعظه بالنعيق ، فاعتبر