وواضح أنه يقصد حال شيخنا الظاهر في أيام الحرب العالمية الأولى التي ساءت فيها أحوال الكثير من أصحاب الثراء ، لأنه لم يكن كذلك فيما بعد ، فقد كان من أعيان العلماء والوجوه البارزة في المنطقة ، ويدل على ذلك ما ذكره الحوماني نفسه ، فقد قال عند ذكر الآية الكريمة : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد . . . ) [1] الخ . " ذكرت بهذه الآية الكريمة حادثة طريفة مرت بي قبل أربعين عاما لا يخلو استطرادنا إليها من أدب ، تلك هي : كان الشيخ محمد حسين شمس الدين الشاعر العاملي المعاصر ، كان ينوي زيارة العراق ويطمع في طريقه إليها أن يمر بمدينة النبطية - حاضرة جبل عامل - ليودع علماءها الشيخ عبد الحسين صادق والشيخين أحمد رضا وسليمان ظاهر ، فقد كان يطمع من وراء هذه الزيارة للعلماء أن يحصل على عون مادي لأنهم كانوا من أهل الثراء ، وقد نفذ هذه الزيارة لهم فأكرموه بالضيافة فحسب ، ثم خرجوا معه إلى ضواحي المدينة يوم وداعه ، وكان المتعارف هناك أن يقرأ المودع المقيم صديقه الراحل ، بأن يقرأ في أذنيه هذه الآية الكريمة تفاؤلا بالعودة إلى وطنه . وكان ذلك منهم إذ ودعوه وألقوا في آذانه تلك الجمل الرائعة التي اشتملت عليها الآية البليغة ، وانتهى الأمر بالضيف إلى أن فارقهم وهو مخفق مما كان يأمل ، فلما وصل إلى بيروت في طريقه إلى العراق حيث مراقد الأئمة الأطهار من آل محمد ، كتب الشاعر من بيروت رسالة للشيوخ الثلاثة في النبطية ، وقد جاء في الرسالة أبيات من الشعر يداعبهم بها ويرمز إلى ما كان يأمل منهم من عون وإخفاق فيما رجاه ، قال رحم الله روحه الشفافة الطاهرة يخاطب الشيوخ رحمهم الله : ملأتم لدي التوديع مني مسامعي * وأملقتم مما علمتم أصابعي سأنفق من أذني في كل عسرة * علي ففي أذني جم المنافع إذا لم أنل من سيد القوم بلغة * فعذر سواه كالنجوم الطوالع