وإن صحت سندا ، لأن القرآن متواتر قطعي وهو كلام الله تعالى ، فكل قول خالفه فهو باطل إذا كان لا يتفق معه بالتأويل . يدعي هذا الدجال أنه جاء بخوارق العادات لأنه ألف كتابا عظيما في عينه وحقيرا في أعين الناس لما فيه من الهذيان والوسواس ، فإذا كان التأليف السخيف دليل المهدية والمسيحية ، فهل يكون التأليف الذي يستحسنه جميع العقلاء دليلا على الألوهية ؟ أيظن هذا الغافل أن القرآن كان معجزة للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأنه كتاب مؤلف ؟ كلا إنه معجزة لأنه اشتمل على أعلى العلوم الإلهية والاجتماعية التي اهتدى بها الناس وصلحت عقائدهم وأخلاقهم ، وقد ظهر مع ذلك بلسان أمي لم يتعلم شيئا ، فهذا هو الوجه الأعلى في إعجازه . ومن وجوهها أنه وصل من البلاغة إلى حد عجزت عن بلوغه البلغاء مع أن الجائي به لم يكن معروفا بالبلاغة ، ومن بلغ الأربعين ولم يعرف له امتياز بالشئ فلا يعقل أن ينتقل مرة واحدة إلى درجة يفوق بها جميع الناس بذلك الشئ إلا بإمداد من بيده خرق العادات ، والمؤيد من شاء بالآيات البينات . وأما زعمه أن الفادحة تدل على مسيحيته ، وأن لفظ الرحمن الرحيم يدل على محمد خاتم الأنبياء وعلى مسيحه أحمد القادياني ، فهذا أقبح تلاعب بالقرآن ، ويمكن أن يستدل صاحبه بكل كلام على كل شئ ، لأنه لا يتقيد بلغة ولا عقل ولا فهم ، فعسى أن يرجع هذا القادياني إلى رشده ، ونرى الجزر قلل من طغيانه ومده . هذا ما حملنا أنفسنا مشقة نقله من بعض مجلدات المنار الاسلامي دحضا لدعاوى القادياني الطويلة العريضة ، وما كان صاحب المنار الضليع بالمباحث الإسلامية والمشهود له بالتخصص فيها من المخالف والموالف والقريب والغريب ممن لا يلقون الكلام على عواهنه ، وهو قد عاصره ووقف على كل ما جعله دليلا على مسيحيته المزعومة ولم يفرط بشئ منها ، بل تتبعها تتبع الباحث المنصف ولم يطو عن قرائه حتى ما رماه به من المطاعن ، ولعل فيها مقنعا للمخدوعين بزخارف أتباعه ممن أضلتهم أو كادوا ينحرفون عن جادة الحق ويزيغون عن محجة الصواب .