الرسل في الآية بالقاصين آيات الله يدل على بطلان دعوى إرسال الرسل بعد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأنه أتى بالذكر الحكيم مجتمعة فيه قصص الأنبياء وما قصه من آيات ربه مستكملة جامعة ، فلم يبق منها شئ مجهول يحتاج إلى من يبينه بعد الرسول . وإذا ضم إلى هذه الوجوه النص والاجماع من المسلمين على انسداد باب الرسالات والنبوات ، وبما سلف من الدليل على انقطاع الوحي ، وبما سنأتي به من دليل ساطع وبرهان لامع على انقطاع النبوة لم يبق لاحتجاج صاحب التوضيح محصل ، على أن تلك الاحتمالات القائمة في تأويل الآية والتي تؤيدها الشواهد الكثيرة من كلام البلغاء ومن القرآن المجيد كان في بطلان احتجاجه . وعن الآية الثالثة : ( رفيع الدرجات ذو العرش ) [ غافر / 15 ] مر في تفسير هذه الآية في باب الوحي ص 87 . وعن الآية الرابعة : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) [ المائدة / 3 ] هي على عكس دعواه أدل وإليك ما فسرت به . ففي أنوار التنزيل للبيضاوي : " ( اليوم أكملت لكم دينكم ) بالنصر والإظهار على الأديان كلها أو بالتنصيص على قواعد العقائد والتوقيف على أصول الشرائع وقوانين الاجتهاد ( وأتممت عليكم نعمتي ) بالهداية والتوفيق ، أو بإكمال الدين ، أو بفتح مكة وهدم منار الجاهلية " . وفي الكشاف : " ( أكملت لكم دينكم ) كفيتكم أمر عدوكم وجعلت اليد العليا لكم ، كما تقول الملوك : اليوم كمل لنا الملك وكمل لنا ما نريد إذا كفوا من ينازعهم الملك ووصلوا إلى أغراضهم ومباغيهم ، أو أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام والتوقيف على الشرائع وقوانين القياس وأصول الاجتهاد ( وأتممت عليكم نعمتي ) بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين ، وهدم منار الجاهلية ومناسكهم ، أن يحج معهم مشرك " . وفي مجمع البيان : " ( اليوم أكملت لكم دينكم ) قيل : فيه وجوه : الأول : إن معناه أكملت لكن فرائضي وحدودي وحلالي وحرامي بتنزيلي ما أنزلت وبياني ما بينت لكم ، فلا زيادة في ذلك ولا نقصان منه بالنسخ بعد هذا