إليه في هذه الآية بقوله : ( من أمره ) . فالركن الروحاني يسمي أمرا ، قال تعالى : ( وأوحي في كل سماء أمرها ) [ فصلت / 12 ] وقال : ( ألا له الخلق والأمر ) [ الأعراف / 54 ] . والركن الرابع : الأنبياء الذين يلقى الروح إليهم ، وهو المشار إليه بقوله : ( على من يشاء من عباده ) . والفرض والمقصود الأصلي من إلقاء هذا الوحي إليهم هو صرف الأنبياء بخلق عن عالم الدنيا إلى عالم الآخرة " [1] . فأنت ترى من هذه الأقوال في تفسير الآية احتمالات لم يذكر بينها احتمال استمرار الوحي ، ومع ثبوت الاحتمال يبصر الاستدلال . ثم أورد أدلة أخرى لا تخريج في معناها عن هذين الدليلين ، فلا نطيل بنقضها الخطب . وإن أعجب من أمر فمن قوله : لم يكن حرمانه إياكم من نعمة الوحي إلا لاعتقادكم بانقطاعه وأنتم خير الأمم ، وقد أوحى الله إلى كثير من رجال ونساء بني إسرائيل ، فكيف لا يوحى إليكم ؟ ولكنكم بأيديكم توصدون أمام وجوهكم أبواب نعمة الله : ( وذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ) [ فصلت / 23 ] . فأنت ترى في زعمه هذا ما يدل على انقطاع الوحي عمن يعتقد انقطاعه ، فكأن الوحي تابع للاعتقاد ببقائه واستمراره ، وهذا منطق عجيب ، ويلزمه على هذا القول الطريف أن يكون الوحي والنبوة مما يحصل بالاكتساب لكل من يعتقد بقاءهما ، وقد فاز بنعمتها المسيح الهندي وأتباعه وحرمهما من لا يرى عقيدتهم وهم المسلمون كافة ، اللهم إلا القاديانية ومن انتحل مثل نحلتهم . إن لنا أسوة حسنة وقدوة صالحة بسلف الأمة من الصدر الأول والقرن الأول والذي يليه وبالأصحاب وتابعيهم وتابعي تابعيهم ، وهم العارفون بالله تعالى وبأحكام دينه وبمعاني كتابه ومحكم آية ولحن خطابه وبمجاري سنته ،