قال تعالى : ( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث ) [ يس / 14 ] وهم لم يكونوا أنبياء ولا رسلا منه تعالى ، وإنما هم رسل عيسى ، وإطلاق الإرسال عليهم مجاز ومثل ذلك المحدثون ، ولو أفاد التحديث معنى الوحي والرسالة لادعى عمر النبوة أو الوحي أن الرسالة ، وحاشا أن يدعيها هو أو أحد من الصحابة وأعلام الأمة وذوي الرسوخ في العلم والدين والشريعة ، ولم يدعها إلا شذاذ من الغلاة عن هوس ووسواس أو عن قصد وعمد اصطيادا للجاه وطلبا للدنيا الواسعة . هذا ولا نرى حاجة لنقض أدلته الأخرى ، وهي في جملتها وتفصيلها لا تخرج عن مضمون تلك الأدلة الواهية . بعض الأدلة على انقطاع الوحي وإليك طرفا وجيزا من الأدلة على انقطاع الوحي : 1 - في كتاب ( تعريف الأحباء بفضائل الأحياء ) للشيخ عبد القادر بن عبد الإله العيدروسي ، حديث مسند إلى عبد الله بن عتبة بن مسعود ، قال سمعت عمر بن الخطاب ( رض ) يقول : ( إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه ، وليس إلينا من سريرته شئ ، الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوى ذلك لم نأمنه وإن قال سريرتي حسنة ) . 2 - في صحيح البخاري بسنده إلى المغيرة بن شعبة : " لا يزال من أمتي قوم ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله " ، ومثله حديث يسنده إلى معاوية ( لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من كذبهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) . ومثله ما رواه قبل ذلك عن المغيرة أيضا باختلاف يسير في لفظ الحديث ( لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ) [1] . وعن معاوية من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ،
[1] صحيح البخاري ، تحقيق عبد العزيز بن باز ، دار الفكر ، ج 8 ، ص 189 .