نسلم بكل ما يقول الموحى إليهم تسليما ، فإن وجدنا فيه شيئا يخالف ظاهره الدليل العقلي القطعي ، يرد إليه بالتأويل أو نفوض الأمر به إلى الله مع الأخذ بالدليل القطعي وهذا ما أجمع عليه أئمة المسلمين ، وهو كاف في كون الإسلام دين العقل ، لأن المسلم لا يترك الدليل العقلي القاطع بحال من الأحوال [1] . 6 - كيف يستبعد وقوع هذه المعجزة لسليمان من يثبت لصحة نبوة صاحبه ما يربو عليها من المعجزات في عصر الكهرباء والراديو والابتكار والاختراع ؟ على أن جمهرة من جهابذة العلماء المسلمين يرون أن زمن المعجزات والخوارق قد انتهى ببدء نبوة خاتم النبيين المؤيدة بالكتاب المعجزة الخالدة الدائمة ما دامت السماوات والأرض والمناجبة للبشر ، وقد أدركوا دور الرشد من طريق العقل والبرهان لا من طريق الخوارق التي كانت تؤيد بها الرسل في دور استهواء البشر ، وهم لم يبلغوا الرشد للترهات والخرافات فتريهم عجزهم بما ظاهره أنه من ذلك النوع كال . . موسى ( عليه السلام ) السحر بآية العصا وعيسى ( عليه السلام ) بآياته شعوذة مداواة المرض بالأوهام لا بقوانين الطب الصحيحة . 7 - إن ظاهر الآية ( فلما قضينا عليه الموت - إلى - ما لبثوا في العذاب المهين ) [ سبأ / 14 ] يدل على طول المدة التي استبعدها صاحب التوضيح واختتم كلامه بالتهكم ، وإلا فلبث ساعة أو ساعتين أو يوما أو يومين أو أياما لا يناسبه التعبير ب ( ما ) لبثوا في العذاب المهين . وقد حاول الدكتور محمد توفيق صدقي تطبيق لبث سليمان ميتا وهو قائم في صورة الحي على قوانين الطب وأن ذلك كان من نوع ( تيبس الموت ) ورأيه هذا مذكور في المجلد الخامس من المنار الاسلامي ص 361 ، ونرى فيما أجبنا به كفاية عن ذكر وجوه واحتمالات أخرى ومقنعا لمن ينشد الحق لا الجدل والمراء والتضليل . إن القاضي ابن رشد الفيلسوف الاسلامي يرى أن لا تنشر التأويلات التي تظهر للراسخين في العلم ، بل تبقى خاصة بأهلها لئلا تكون سببا لفتح باب