الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ، فقرؤوا يوماً على عمر : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام . فقال عمر : من أقرأكم هذا ؟ قالوا أبي بن كعب . فدعا به فلما أتى قال : إقرؤوا فقرؤوا كذلك ، فقال أبيٌّ : والله يا عمر إنك لتعلم أني كنت أحضر ويغيبون وأدنى ويحجبون ويصنع بي ويصنع بي ، ووالله لئن أحببت لألزمن بيتي فلا أحدث شيئاً ولا أقرئ أحداً حتى أموت ! فقال عمر : اللهم غفراً ، إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علماً فعلم الناس ما علمت ) . ( ورواه في كنز العمال : 2 / 594 ) والذي يعرف قصة عمر في الحديبية واعتراضه بجفاء على النبي صلى الله عليه وآله لقبوله الصلح ، وإصراره على أن يدخل النبي صلى الله عليه وآله مكة عنوة ويقاتل قريشاً ! وتصريحه بأنه شك في نبوة النبي صلى الله عليه وآله يومئذ ، وقيامه بأعمال لإفساد الصلح وإيقاع الحرب . . يعرف أن الزيادة المزعومة في الآية منه لامن أبيّ بن كعب ، وأن الرواة حرفوا فيها لتبرئة عمر على عادتهم ! لقد عمل عمر بكل ما استطاع في الحديبية ( ليحمِّي ) المسلمين فظلوا باردين ولم يستجيبوا له ! وبعد سنوات انكشف لعمر وجه الحكمة من الصلح النبوي وأن المسلمين لو حموا وقاتلوا كما أراد ، لكان ذلك ضرراً على مكة وحرمتها فقال : ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ! لكن غفل عن أنه لا تناسب بين حمية الجاهلية القرشية وحمية المسلمين لإسلامهم ! ولا بين ذلك وبين فساد المسجد الحرام ! فلو أن المسلمين حموا لإسلامهم لهزموا المشركين ودخلوا المسجد الحرام فاتحين ، كما أخبر الله تعالى : ( وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ