وهم حيارى سكارى مما حدث لهم ! ثم ذهبت السكرة من زعماء قريش وجاءت الفكرة . . يجب أن نرث سلطان محمد ونقصي بني هاشم ! وسرعان ما تصرفوا فأزاحوا عن قيادتهم أبا سفيان ابن عم بني هاشم ، ونصبوا سهيل بن عمر الداهية وأحد الفراعنة الذين كان يلعنهم النبي صلى الله عليه وآله في قنوته ! وبعد معركة حنين ورحيل النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة أمسك سهيل بمكة وتوابعها ، حتى صار ( أسيد بن عتاب الأموي ) الحاكم المعين من قبل النبي صلى الله عليه وآله حاكماً بالاسم فقط حتى أنه اختبأ عندما توفي النبي صلى الله عليه وآله خوفاً من القتل ، واحتاج إلى أمان من الحاكم الحقيقي سهيل بن عمر السهمي ! ولا يتسع المجال لبيان نشاطات قريش في السنتين من حياة النبي صلى الله عليه وآله بعد فتح مكة ، لكن غرضنا منها نظريتها التي روجت لها بأن آباء النبي صلى الله عليه وآله كفار وعمه أبا طالب كافر ، وإنما مثله في بني هاشم ( كمثل نخلة نبتت في كبا ) أي مزبلة ! ! وبالتالي فلا شرعية لعشيرته وأسرته لتدعي وراثته وإنما هو من قريش ، وقريش أولى بسلطان ابنها ، وخلافته في بطون قبائلها ! وهكذا استطاعت قريش أن تخترع حصاراً جديداً لبني هاشم وبني عبد المطلب ، أحكمته هذه المرة أكثر من حصارها لهم في شعب أبي طالب ، فألبسته ثوباً من الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله ، فنجح الحصار وطال قروناً وأجيالاً ، إلا من رحم ربك من أصحاب البصائر ! إن هذه الحقائق تكفي للباحث السوي الذهن ، ليقرر إعادة النظر في الأحكام التي أصدرتها الخلافة القرشية وفقهاؤها على أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وعلى كل آبائه وأجداده الطاهرين عليهم السلام !