نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 348
و ما الذي نقموا من أبي الحسن ؟ ! نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلّة مبالاته بحتفه ، وشدّة وطأته ونكال وقعته ، وتنّمره في ذات الله ، وتالله لو مالوا عن المحجّة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة ، لردّهم إليها ، ولحملهم عليها ، ولسار بهم سيراً سجحاً ، لا يُكلم خشاشه ، ولا يكلّ سائره ، ولا يملّ راكبه ، ولأوردهم منهلا نميراً صافياً رويّاً فضفاضاً ، تطفح ضفتاه ولا يترنّق جانباه ، ولأصدرهم بطاناً ، ونصح لهم سرّاً وإعلاناً ، ولم يكن يحكي من الغنى بطائل - أي : لا يجمع لنفسه الثروة - ولا يحظى من الدنيا بنائل ، غير ريّ الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم - أي : لظهر لهم - الزاهد من الراغب ، والصادق من الكاذب ، ( ولو أنّ أهلَ القرى آمنوا واتّقوْا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) ( 1 ) . . . استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل . . . ويحهم ! ( أفمن يهدي إلى الحقّ أحقُّ أن يُتّبعَ أمّن لا يهدّي إلاّ أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون ) ( 2 ) . . . » و بعد أن أوضحت تصوير حال الفتنة بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أخذت سلام الله عليها في تصوير المستقبل المتوقّع للأُمّة الإسلامية بسبب هذا الانحراف الذي قامت به بعض رجالاتها ، فقالت : « أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملء القعب دماً عبيطاً ، وذعافاً مبيداً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ ما أسّس الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن دنياكم نفساً ، واطمئنوا للفتنة جأشاً ، وأبشروا بسيف صارم ، وسطوة معتلّ غاشم ، وبهرج شامل دائم ، واستبداد من الظالمين يدع فيأكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً ، فيا حسرة لكم وأنّى بكم وقد عُمّيت عليكم ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ) ( 3 ) » ( 4 ) .