نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 290
النبيّ هارون ( عليه السلام ) و نموذج الوحدة و قوله تعالى حكاية عن هارون بعد عبادة بني إسرائيل العجل : ( قال يا بنَ أُمَّ لا تأخذْ بلحيتي ولا برأسي إنّي خشِيتُ أن تقولَ فرّقْتَ بين بني إسرائيلَ ولم ترقُبْ قَوْلي ) ( 1 ) ملحمة قرآنية يسطرها لنا القرآن الكريم تبياناً لموقف هارون وصيّ موسى ( عليه السلام ) بعدما ضلّ كثير من بني إسرائيل عن الهدى إلى عبادة العجل واتّباع السامري . ففي الوقت الذي راعى فيه هارون وحدة بني إسرائيل وحافظ عليها ، إلاّ أنّه لم يتّبع ضلال أكثرية بني إسرائيل والسامري في عبادة العجل لتحقيق الوحدة ، بل قال لهم : ( يا قومِ إنّما فُتِنْتُم به وإنّ ربَّكُمُ الرحمنُ فاتّبِعوني وأطيعوا أمْري ) ( 2 ) ; فقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . وكان الأُسلوب الذي اتّخذه لا بنحو يؤدّي إلى فُرقة بني إسرائيل ولا بنحو ذوبانه هو في الانحراف وترك طريق الإصلاح ، لا سيّما وأنّه لم تكن لديه القدرة على الالتجاء إلى القوّة في الإصلاح ، كما قال : ( ابنَ أُمَّ إنّ القومَ اسْتضْعَفوني وكادوا يقْتُلونَني ) ( 3 ) و هو يدلّ على مدى رفض هارون ( عليه السلام ) للانحراف الحاصل لدى بني إسرائيل ومقاومته السلمية الثابتة لهم بلا مهادنة حتّى كادوا أن يقتلوه . و الذي قام به هارون ( عليه السلام ) هو الذي أوصاه به موسى ( عليه السلام ) : ( و قال موسى لأخيه هارونَ اخْلُفْني في قَوْمي وأصْلِحْ ولا تتّبِعْ سبيلَ المفسدين ) ( 4 ) ، فأمره بالإصلاح ونهاه عن اتّباع سبيل المفسدين ، ومن ثمّ لمّا رجع موسى إلى قومه و قال : ( يا هارونُ ما مَنعكَ إذ رأيْتَهم ضلّوا * ألاّ تتّبِعنِ أفَعَصَيْتَ أمْري * قال يَبْنَؤُمَّ . . . ) ( 5 ) . و كانت مسألة موسى ( عليه السلام ) عن عدم اتّباع هارون ( عليه السلام ) له ، أي عن عدم مفارقة هارون لبني إسرائيل ولحوقه بموسى كي يحلّ عليهم العذاب ، أو عن عدم مقاتلته لتيّار الانحراف