نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 288
نفسه ، فهدم كبر الأنانية وإقامة فقر العبد لله بتولّي الإمام المنصوب من قبل الله ، إقامة للتوحيد في صقع الذات الإنسانية ، وإن إبليس قد فشل في هذا الامتحان للتوحيد ، فلم تنفعه دعواه التوحيد في سائر المقامات ، هذا في المقطع الأوّل . و أمّا المقطع الثاني فهو ( عليه السلام ) يبيّن فيه أنّ مَن تقحّموا الخلافة من قبله قد ردّوا على الله تعالى أمره ، وقبّحوا نصبه تعالى وجعله عليّاً ( عليه السلام ) خليفةً ووصيّاً ; فنهجوا نهج إبليس في الاستكبار ، وأنّهم قواعد أساس العصبية ودعائم أركان الفتنة ، وهذا الحكم منه ( عليه السلام ) أشدّ ممّا ورد في الخطبة الشقشقية وأصرح في بيان حالهم . . ثمّ إنّه ( عليه السلام ) بيّن أنّ الإفساد في الأرض هو لكون الناس أحزاباً متفرّقين غير مجتمعين على وحدة الطاعة والولاية لخليفة الله في الأرض ، وهذا التفرّق عن الطاعة والولاية يعني مناصبة العداء لله تعالى ، وبالتالي فلا يقبل تعالى على البشر بالبركات والنعم ، مضافاً إلى تأدية الخلاف إلى الخراب بدل الإعمار ; لتخالف الهوى والمصلحة ، فتصبح البشرية في حرمان من البركات الإلهية المقدّرة لها . وتتّضح جليّاً الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى : ( إنّ هذه أُمّتُكم أُمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاعبدونِ ) ( 1 ) ; فلازم كونها أُمّة واحدة توحيدية بتمام التوحيد هو الربوبية لله وحده من دون وجود طاغوت استكباري على أوامره تعالى ، وإلاّ فالأُمّة الإسلامية ستكون أُمماً كثيرة ، كلّ مجموعة تتّبع هوىً ما ، وطاغوتاً ما ; إذ الأُمّة في اللغة والاشتقاق من : أمّ يؤمّ ، أي : قصد واتّبع ، فإذا كانت المقاصد والمناهج الأصلية مختلفة فسيكون المجموع أُمماً لا أُمّة واحدة . و الإشارة إلى ذلك أيضاً في قوله تعالى : ( قل يا أهلَ الكتابِ تعالَوْا إلى كلمة سواء بيننا وبينَكم ألاّ نعبدَ إلاّ اللهَ ولا نشركَ بهِ شيئاً ولا يتّخذَ بعضُنا بعضاً أرباباً من دونِ اللهِ فإنْ تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون ) ( 2 ) .
1 . الأنبياء / 92 . 2 . آل عمران / 64 .
288
نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 288