نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 124
الجماعة قد أشار إليها القرآن الكريم في سورة المدّثّر ، رابع سورة نزلت على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أوائل البعثة الشريفة في مكّة المكرّمة ، وأعلن وجودها في صفوف الثلّة الأُولى التي أسلمت ، قال تعالى : ( عليها تسعة عشر * وما جعلنا أصحاب النار إلاّ ملائكة وما جعلنا عدّتهم إلاّ فتنة للّذين كفروا ليستيقن الّذين أُوتوا الكتاب ويزداد الّذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الّذين أُوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الّذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضلّ الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربّك إلاّ هو وما هي إلاّ ذكرى للبشر ) ( 1 ) . فإنّ الآيات تبيّن أنّ المخاطب بعدّة الملائكة الموكّلين بالنار على أربعة أقسام : الأوّل : « الّذين آمنوا » ، والثاني : « الّذين أُوتوا الكتاب » ، والثالث : « الّذين في قلوبهم مرض » ، والرابع : « الكافرون » ، وتخبر أنّ الذي سيحصل له الإيمان هما القسمان الأوّلان ، أمّا القسمان الآخران فسيحصل لديهما الارتياب . ومن الواضح أنّ المرض الذي في القلب نحوٌ من النفاق الخفيّ جدّاً ، أي الذي لا يظهر على صاحبه ، بل يبطنه في قلبه وخفاء أعماله ، وقد ذكرنا أنّ الآيات القرآنية تتابع هذه الفئة والجماعة في كثير من السور ، تحت هذا العنوان وبهذا الاسم إلى آخر حياة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونزول القرآن . و الآيات هنا من سورة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تبيّن أنّ غرض هذه الفئة هو تولّي الأُمور والأخذ بزمامها ، وأنّ ذلك الغرض هو وراء انضمامها إلى صفوف المسلمين الأوائل ; إذ إنّ خبر ظفر النبيّ المبعوث ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان منتشراً قبل البعثة ، كما يشير إليه قوله تعالى : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) ( 2 ) . فقد أشارت الآية إلى أنّ أهل الكتاب كانوا يستفتحون وينتظرون ويطلبون الفتح والنصر والظفر بالنبيّ - الذي سيبعث خاتماً - على الكافرين من مشركي الجزيرة العربية
1 . المدّثّر / 30 و 31 . 2 . البقرة / 89 .
124
نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 124