نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 113
والكون رهن الإشارة ما لا يتوقّعه من سائر الرعية ، بل إنّ في طبقات الوزراء اختلاف في المكانة والحظوة لدى الملك ، وبالتالي اختلاف في ما يتوقّعه وينتظره الملك منهم في مجال التقيّد بأقصى مكارم الآداب معه ، و من هذا الباب ما يشاهد من خطابِ عتاب مع الأنبياء في القرآن ، فإنّها ليست أخطاء ومعاص في الشرع وحكم العقل ، وإنّما هي من باب ترك الأَوْلى في منطق القرب والزلفى ومقام المحبّين . الثالث : إنّ خطأ الميزان الظاهر المجعول في باب القضاء ، أو في باب الإمارة وتدبير الحكم ، ونحوهما ممّا يكون في الموضوعات الخارجيّة ، ليس من خطأ المعصوم ، كالنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فإنّه موظّف في مصالح التشريع بالعمل بهذا الميزان في تلك الموضوعات الجزئية ، ممّا يتدارك خطأ الميزان الشرعي الظاهري بالمصالح الأُخرى ; وأين هذا من الأحكام الكلّيّة ومعرفة الشريعة ؟ ! و إذا فُرض جهل النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بها - والعياذ بالله تعالى - ، وتحرّيه لها بالاجتهاد الظنّي ، فأين الطريق إليها المأمون عن الخطأ ؟ ! وما هو ميزان الصحّة من الخطأ إذا كان الطريق مسدوداً إلى الأبد ، إذ لا فاتح لِما انسدّ على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أبواب العلم ؟ ! و هذا بخلاف باب الموضوعات الجزئية ، فإنّ طريق العلم بها مفتوح وراء ميزان القضاء والحكم . الربع : إنّهم خلطوا بين السؤال الممدوح عن الأحكام ومعارف الدين كما في قوله تعالى : ( فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ) ( 1 ) و قال : ( فاسألوا أهل الذِكر إنْ كنتم لا تعلمون ) ( 2 ) ، وبين السؤال المذموم عن الأحكام والشريعة ، قال الله تعالى : ( يا أيّها الّذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إنْ تُبد لكم تسؤكم وإنْ تسألوا عنها حين ينزّل القرآن تبد لكم عفا الله عنها ) ( 3 ) و قال : ( أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سُئل موسى من قبل ) ( 4 ) .