نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 450
عارضا وأثارا عليه حربا شعواء ، فأبى ، ولما أشير عليه أن يخادعهما ويخادع معاوية حتى يستقيم له الأمر ، فقال : لا أداهن في ديني ، ولا أعطي الدنية في أمري . وأبى أن ينزل القصر الأبيض بالكوفة إيثارا للخصاص التي يسكنها الفقراء . . وكان يلبس المرقع حتى استحيا من راقعه ، كما قال ، وكان راقعه ولده الحسن . ويأكل الخبز الشعير تطحنه امرأته بيدها مواساة للكادحين والمعوزين . وأثنى عليه رجل من أصحابه ، فأجابه بقوله : إن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر ، ويوضع أمرهم على الكبر ، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم إني أحب الاطراء واستماع الثناء . . . فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة . وكان منكرا لذاته متوجها بكل تفكيره إلى خير الجماعة ، لا يبالي بغضب الخاصة ، إذا رضيت العامة ، ويقول : إن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة . لذا افتتنت به الجماهير في عصره وبعد عصره ، وبوأته أعلى مكان ، لأنه العنوان الكامل لآمالها وأمانيها . ومنهم من رفعه إلى مكان الآلهة ، كما فعل الغلاة ، وبحق قال له النبي : يا علي إن الله قد زينك بأحب زينة لديه ، وهب لك حب المساكين ، فجعلك ترضى بهم أتباعا ، ويرضون بك إماما . لقد بالغ علي في تمسكه بالحق ، وحاسب عليه نفسه وعماله ، حتى أغضب الكثير منهم ، وبعضهم تركه وهرب إلى عدوه معاوية ، وأصبح عونا له بعد أن كان حربا عليه . آمن علي بالله وبالإنسان . وقد ورث عنه الأئمة من ولده هذا الإيمان وساروا بسيرته ، وتخلقوا بأخلاقه ، فكل واحد منهم وافر العلم ، محب للخير والسلم ، عزوف عن الشر والحرب ، صارم في الحق . وإنما ظهر بعض هذه الصفات في شخص أحدهم أكثر من الآخرين تبعا للظروف ومقتضيات الأحوال . ظهر في الحسن بن علي حبة للسلم وكرهه للحرب ، لأن عصره كان عصر الفتن والقلاقل ، بايعه أهل العراق بعد وفاة أبيه بالخلافة ، وكان جيشه يتألف من أربعين ألفا . ولما رأي أن معاوية مصر على الحرب ، تنازل له عن الخلافة مؤثرا حقن الدماء وصالح الإسلام على كل شئ . . . وظهرت صلابة الحسين في الحق ، وضحى
450
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 450