نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 413
العيد * إن الأعياد لا تختص بأمة دون أمة ، ولا بدين دون آخر ، فنجدها جلية واضحة في تاريخ الأمم والأديان جميعا . وتنقسم الأعياد إلى دينية وشعبية ، وأعياد خاصة ليست بشعبية ولا دينية ، بل هي في نظر الأديان بدعة وضلالة ، وعند الشعوب سخف وجهالة ، كالاحتفال بتتويج ملك ليس له أثر يذكر ، ولا منقبة تشكر ، والغبطة بمثل هذا العيد لا تتعدى المتوج وأسرته ، فإذا زال النفوذ والسلطان ، وجاءت الأعياد كانت عليهم عذابا وحسرات . ويلاحظ أن العرب يهتمون ويحتفلون بالأعياد الدينية أكثر من الأعياد الشعبية ، على عكس الغربيين الذين يهتمون بالأعياد الشعبية أكثر من غيرها ، ولعل السر أن الشرق مصدر الأديان ، وأن العرب لم يستردوا بعد كامل حقوقهم وسيادتهم ، وسالف عزهم ومجدهم . ومهما يكن فإن الأعياد الدينية تختلف باختلاف البواعث والأسباب ، فعيد الميلاد يرمز إلى المودة والرحمة والانسانية التي دعا إليها السيد المسيح ، ومولد النبي العربي من الذكريات الخالدة التي لها أعظم الأثر في تاريخ الإنسانية ، فقد كان مولده إيذانا بانتهاء عهد الجاهلية والاستبداد ، وبزوغ عهد الحضارة والحرية . والحكمة من عيد الهجرة النبوية أن يلتفت المسلمون إلى الماضي ليجددوا وحدتهم ، ويعملوا يدا واحدة لأنفسهم لا لغيرهم ، ويناضلوا بروح التضحية والاخلاص في سبيل مبادئهم القومية ، وإرجاع مجدهم ، وإحياء تراثهم ، ويحرروا بلادهم وعقولهم من كل قيد يعيقهم عن السير في طريق الحرية والحياة وهذا العيدان المولد والهجرة لم يكونا معروفين في عهد الرسول ، ولا
* أذيعت من محطة الإذاعة اللبنانية في عيد رمضان المبارك 1953 .
413
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 413