نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 383
درس من الماضي * اعتاد كثيرون من خطباء الجوامع والكنائس أن يأمروا بتقوى الله ، وينهوا عن معصيته ، يوجهون هذه الموعظة - في الغالب - إلى المستضعفين الذين يظلمهم الأقوياء ولا يستطيعون أن يظلموا أحدا ، فيخوفوهم من نار جهنم تشوي وجوههم وأفئدتهم ، كلما نضجت بدلهم غيرها كي يدوم عليهم العذاب الأليم . أما الأقوياء الطغاة الذين يملكون الأطيان والبنايات ، والأثاث والسيارات ، ويملأون البنوك والمصارف بما اختلسوه من أقوات العباد فيمجدونهم ويسبحون بحمدهم ، ويلتمسون العلل لتبرير عدوانهم ، ويعدونهم بجنة عرضها السماوات والأرض ، وبقصور أضخم من قصورهم في الدنيا ، وببساتين أوسع من بساتينهم في هذه الدار ، وبحور أجمل من الراقصات والارتستات اللائي أنفقوا عليهن الألوف ، وبخمور ألذ وأشهى مما يشربونها في المواخير والحانات . ومنذ القديم كان وعاظ المساجد يتقربون إلى الملوك والحكام أمثال الطاغية عبد الحميد ، والفاسق فاروق يتقربون إليهم بالدعاء لهم في خطب الجمعة بأن يديم الله لهم القوة والعز ، والغلبة والنصر متجاهلين قول الله سبحانه " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " وقول الرسول الأعظم " ما ازداد رجل من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا - من أرضى سلطانا بما سخط الله خرج من دين الإسلام . " إن أمثال هؤلاء الوعاظ يهددون ويهولون على المساكين الذين لا يستطيعون حيلة ولا وسيلة ويبشرون المترفين بما أعد الله لهم من الثواب الجزيل والأجر
* نشر في جريدة الهدف 23 أيلول سنة 1954 .
383
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 383