responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 275


بذرها في نفسه يد الوراثة ، وتأصلت جذورها في أعماق قلبه بتكرار النظر وطول الممارسة لما سطر ( الكرام ) الكاتبون من أسلافه ، وزينها له أساتذته وشيوخه ببركة تلقينهم إياه ، وتقليده إياهم وتشعبت فروعها بمعاشرة قومه ، وألفة صحبه الذين يقدسون هذه العقيدة ، ويرونها أصلا من أصول دينهم الذي يوجب عليهم رعايتها والتعبد بها ، ويتحتم على كل واحد منهم أن يصحح عقيدته بكل طريق ولو كان فاسدا في نفس الأمر والواقع ، ويبطل ما ينافيها ولو كان حقا ، فبينما هو يورد الأدلة ويكر على حجة خصمه فيعارضها بالمثل أو يطعن في صغرى قياسه أو كبراه يستشهد بالأخبار النبوية ( الراد على أهل هذه الطريقة كالشاهر سيفه في سبيل الله ، وأهلها مجوس هذه الأمة ) ، إلى غير ذلك .
ونظرا لضيق المقام أعرضنا عن ذكر كلماتهم وبيان مواضع الخلل فيها ، على الأخص استدلالهم بالنصوص السمعية فإن المسألة عقلية وليس للسمع أقل مساس فيها ، فلا يصح التمسك بظواهر الكتاب والسنة في مثلها إثباتا أو نفيا ، فإن المتعين أولا النظر إلى حكم العقل وتشخيصه عما عداه على نحو لا يقع فيه الاشتباه والريب ، ثم النظر إلى اللفظ الثابت عن الحكيم ، فإن كان موافقا بظاهرة لحكم العقل كان مقررا له ، وإلا وجب تأويله بما يوافق العقل ، كما هو المعروف من دين الإسلام وضروراته ، ومن هنا تعرف محل الخطأ في قول القائلين أن الأحكام العقلية ساقطة عن الاعتبار ، إن المتعين حصر المدارك ، والأدلة بالسمع فقط مستدلين على ذلك بحكم العقل بصحة الجبر والتفويض معا ، مع أن تنافيهما من البديهيات ، فمن حكمه بصحة الأمور المتضادة يستكشف سقوطه عن الاعتبار وعدم جواز الاعتماد عليه .
والحق أن أرباب هذه العقيدة هم الساقطون عن الاعتبار لا العقل الذي يكون الإنسان به إنسانا يمتاز عن سائر الحيوانات ، فإن الحكم بعدم اجتماع المتنافيين اللذين لا جامع بينهما ، ولا وحدة تربطهما من المعلومات البديهية ، والمرتكزات الفطرية ، وبعد أن كان الجبر والتفويض متعاندين ذاتا فكيف يمكن صدور الحكم من العقل بصحتهما معا ، وجزمه بتحقيق كل منهما ، وهل هو إلا نظير القطع بالوجود العدم في محل واحد ، وهذا أمر لا مرية فيه ، وإنما الكلام في أن الجبر والتفويض ، هل هما ضدان لا ثالث لهما بمعنى أن الواقع لا يخلو من أحدهما ،

275

نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست