نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 228
الذي كان يأتيهم بالليل بما يأتيهم به ، ولما مات وجدوا في ظهره وأكتافه أثر حمل الجراب إلى بيوت الأرامل المساكين . وكانت صدقاته كلها ليلا ، وكان يقول : صدقة الليل تطفئ غضب الرب ، وتنير القلب والقبر ، وتكشف عن العبد ظلمه يوم القيامة . ولم تكن رحمة زين العابدين بالناس ، عطاء يعطى ، بل كانت مع ذلك سماحة وعفوا ، يعفو عن القريب وعن القعيد ، وعمن ظلمه وأساء إليه . وتروى الأعاجيب عن رحمته وسماحته ، منها أن جارية كانت تحمل الإبريق ، وتسكب الماء ليتوضأ ، فوقع على وجهه وشجه . فرفع رأسه إليها لائما ، فقالت : والكاظمين الغيظ . قال : كتمت غيظي . قالت : والعافين عن الناس . قال : عفوت عنك . قالت : والله يحب المحسنين . قال : أنت حرة لوجه الله . بهذه الأخلاق السمحة الكريمة ، وبالتقوى التي لا تعرف سوى الله اشتهر زين العابدين ، فأجله الناس ، وأحبوه ، حتى أنه كان إذا سار في مزدحم افسح الناس له الطريق . ويروى من عدة طرق أن هشام بن عبد الملك طاف بالبيت ، فلما أراد أن يستلم الحجر لم يتمكن ، وكان أهل الشام حوله ، وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين ، فلما دنا من الحجر ليستلم تنحى عنه الناس إجلالا له ، وهيبة واحتراما ، فقال هشام : من هذا ؟ ! استنقاصا له . وكان الفرزدق حاضرا ، فأنشد الشاعر الفحل تلك القصيدة : هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الإسلام والعجم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
228
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 228