يسير نحو الكمال والسعادة المناسبة له وذلك عن طريق الفطرة والتكوين . والانسان أيضا أحد أنواع هذه الكائنات لا يستثنى من القانون العام . ويجب ان يرشد إلى طريق خاص في حياته ، تضمن له سعادته في الدنيا والآخرة ، وذلك عن طريق الغريزة المتصفة بالنظرة الواقعية للحياة ، والتأمل في حياته الاجتماعية ، وبعبارة أخرى ، يجب ان يدرك مجموعة من معتقدات وظائف عملية ، كي يجعلها أساسا له في حياته ليصل بها إلى السعادة والكمال المنشود ، وقلنا ان المنهاج للحياة وهو ما يسمى بالدين لا يتأتى عن طريق العقل ، بل هو طريق آخر يدعى الوحي والنبوة ، والتي تظهر في بعض من أولياء الله الصالحين وهم الأنبياء ، ورسل السماء . فالأنبياء قد أنيطت بهم مسؤولية هداية الناس ، عن طريق الوحي من الله تعالى فإذا ما التزموا بتلك الأوامر والنواهي ، ضمنوا السعادة لهم . يتضح ان هذا الدليل ، فضلا عن أنه يثبت ولزوم مثل هذا الادراك بين أبناء البشر ، يثبت أيضا ، لزوم وضرورة وجود افراد حفظة على هذا البرنامج ، وايصاله إلى الناس إذا اقتضت الضرورة ذلك . وكذا يستلزم وجود اشخاص قد أدركوا الواجبات الانسانية ، وذلك عن طريق الوحي ، وهم بدورهم ينهضون بتعليم المجتمع ، كما يجب ان تبقى هذه الواجبات السماوية ، ما دام الانسان حيا ، وتعرض عليه عند الضرورة . فالذي يتحمل عب ء هذه المسؤولية ، يعتبر حاميا للدين الإلهي ، ويعين من قبل الله تعالى ، وهو من يسمى ب الامام كما يدعى حامل الوحي الإلهي ، والشرائع السماوية ب النبي وهو من قبل الله تعالى أيضا . يتفق ان تكون النبوة والإمامة في شخص واحد ، وقد لا يتحقق ذلك ، فكما ان الدليل المتقدم يثبت عصمة الأنبياء ، يثبت عصمة الأئمة أيضا . إذ تقتضي رحمة الله وعطفه ان يضع الدين الحقيقي غير المحرف في متناول أيدي البشر دوما ، ولا يتحقق هذا الأمر دون ان تكون هناك عصمة .