ثالثا : ان ما حدث في مرض الرسول ( ص ) ، قد حدث أيضا في مرض الخليفة الأول ، عندما كان يوصي إلى الخليفة الثاني من بعده ، وعثمان حاضر يحرر ما يملي عليه الخليفة الأول ، إذ أغمي على الخليفة ، والخليفة الثاني لم يعترض عليه كما اعترض على النبي ( ص ) 1 . وفضلا عن هذا كله ، فان الخليفة الثاني قد اعترف في حديث له لابن عباس قائلا 2 : انني أدركت ان النبي ( ص ) يريد ان يوصي لعلي ، الا ان مصلحة المسلمين كانت تستدعي ذلك ، ويقول أيضا ، ان الخلافة كانت لعلي ، 3 فإذا ما كانت الخلافة صائرة إليه ، لفرض على الناس اتباع الحق ، ولم ترضخ قريش لهذا الأمر ، فرأيت من المصلحة الا ينالها . ونحيته عنها . علما بان الموازين الدينية تصرح ان المتخلف عن الحق يجب ان يعود إليه ، لا ان يترك الحق لصالح المتخلف . ومما تتناقله كتب التاريخ ، ان الخليفة الأول أمر بمحاربة القبائل المسلمة التي امتنعت من اعطاء الزكاة ، قال : والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ( ص ) لأقاتلنهم على منعه 4 . والمراد من هذا القول ، هو ان إقامة الحق وإحيائه واجب مهما بلغ الثمن ، وبديهي ان موضوع الخلافة حق أيضا الا أنه أغلى من العقال وأثمن .
( 1 ) الكامل لابن الأثير ج 2 : 292 . ( 2 ) شرح ابن أبي الحديد ج 2 : 134 . ( 3 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 : 137 . ( 4 ) البداية والنهاية ج 6 : 311 . 4 . الإمامة في العلوم التشريعية أشرنا في الفصول المتقدمة ، في معرفة النبي الرسول وقلنا ، وفقا للقانون الثابت والضروري للهداية العامة ، ان أي نوع من أنواع الكائنات