لقائد ، لا يستطيع ان يستمر في حياته ، وفي أقل فترة ممكنة ينهار قوامه ، ويسير نحو الهمجية والتحلل الخلقي . فعلى هذا ، فالشخص الذي يتولى قيادة مجتمع ( سواء أكان كبيرا أم صغيرا ) ويعير اهتماما لمنصبه ومقامه ، يبدي عنايته لبقاء ذلك المجتمع ، نجده يعين خلفا له فيما لو أراد ان يغيب عن محل عمله ( سواء أكانت الغيبة مؤقتة أم دائمية ) ولن يتخلى عن مقامة ما لم يعين أحدا ، ولن يترك بلاده ، أو بقعته دون ناظر أو حارس عليها أو قائد لها ، لأنه يعلم جيدا ، ان غض النظر عن هذه المهمة وعدم استخلاف أحد ، يؤدي بمجتمعه إلى الزوال والاضمحلال ، كما لو أراد رب البيت ان يسافر عدة أيام أو أشهر ، فإنه يختار أحدهم ( أو أحدا غيرهم ) مكانه ، ويلقي إليه مقاليد الإدارة للبيت ، وهكذا الرئيس لمؤسسة أو المدير لمدرسة ، أو الصاحب لحانوت ، وهو يشرف على موظفين أو صناع يعملون تحت إمرته ، فلو قدر ان يترك محل عمله لساعات قليلة فإنه يختار أحدهم ويعينه مكانه ، كي يتسنى للآخرين الرجوع إليه ، في المشكلات أو المعضلات ، وقس على هذا الاسلام دين قوامه الفطرة ، وذلك بنص القرآن الحكيم والسنة النبوية ، وهو نظام اجتماعي ، يدركه كل من له المام بهذا الدين ، ومن ليس له صلة به . والعناية الخاصة التي قد بذلها الله جل وعلا ، ونبيه الكريم ( ص ) لهذا الدين الجامع ، لا ينكرها أحد ، ولا يسعنا مقارنته مع أي شئ آخر . فالنبي الأكرم ( ص ) ، كان لا يترك المجتمع الذي دخل في الاسلام ، أو المجتمع الذي قد سيطر عليه الاسلام ، وكذا كل بلدة أو قرية كانت تقع تحت إمرة المسلمين ، دون ان يرسل إليها واليا أو عاملا في وقت مبكر ، كي يدير شؤون تلك المجتمعات أو البقاع ، وكان هذا دأب النبي ( ص ) ، في الجهاد ، فعندما كان يرسل كتيبة إلى مكان ما ، كان يعين قائدا لها ، وكان يعين أكثر من قائد أحيانا ، كما حدث ذلك في حرب ( مؤتة ) إذ عين ( ص ) أربعة ، فإذا ما قتل