نام کتاب : الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 277
ومنها : أنّه من المعلوم عند من أمعن النظر في الأخبار وجاس خلال تلك الديار ، وتصفّح كتب السير والآثار ، وغاص لجج تلك البحار ، أنّ قدماء أصحابنا - رضوان الله عليهم - لم يألوا جهداً في تنقية الأخبار ممّا يوجب التدليس والكذب في جملة تلك الأعصار ، وكانت هممهم مقصورة على ذلك ، وأوقاتهم مصروفة فيما هنالك ، وانّما وصلت إلينا بعد أن سهرت العيون في تصحيحها ، وذابت الأبدان في تنقيحها ، وقطعوا في تحصيلها من معادنها البلدان ، وهجروا في طلبها من مظانّها الأولاد والنسوان ، وقد أوردنا شطراً من الأخبار الدالّة على ذلك في كتاب المسائل الشيرازيّة . ومنها : أنّك قد عرفت من شهادة أُولئك الأجلاّء الذين هم أساطين المذهب والمرجع في كلّ مراد ومطلب ، أنّ كتبهم كلّها مأخوذة بالآثار الصحيحة والطرق الصريحة عنهم صلوات الله عليهم ، ونسبة أُولئك الأجلاّء إلى الاخبار بخلاف الواقع أمر لا يرتكبه من يشمّ رائحة الايمان . على أنّه قد اعتمدوا على أقوالهم في الجرح والتعديل الذي هو الأساس لهذا الاصطلاح ، فالفرق تحكّم ظاهر ، بل العلم العادّي والنظر الواقعي أعدل شاهد على صحّة ما ذكروه ، فانّ جميع الأُصول الأربعمائة وغيرها كانت موجودة في زمانهم قطعاً ، والعهد قريب بمصنّفيها ، بل المنقولة عنهم . فكما أنّا نجد من أنفسنا العلم اليقيني بأنّ هذه الكتب المنسوبة للشيخ الطوسي وأمثاله مع طول المدّة وبعد العهد ، لنقلها لنا خلفاً عن سلف بيد الثقات الأجلاّء ، فبطريق الأولى حال أُولئك الفضلاء مع تلك الأُصول التي نقلوا عنها . وكذلك إذا نقل بعض فقهائنا في هذه الكتب قولاً عن بعضهم ، أو عن العامّة مثلاً ، فانّا نجد من أنفسنا جزماً عادّياً وإذعاناً يقينيّاً بصدق ما نقله ، كالعلم أنّ مكّة في موضعها ، وأنّ البحر لم يتحوّل ذهباً ، والعلم اليقيني لا ينحصر في حدّ ، ولا
277
نام کتاب : الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 277