نام کتاب : الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 224
فلمّا ظفر بهم على عدوّه قتلهم ، لقدّمت قوماً من أصحابي فضربت أعناقهم [1] . فعلي ( عليه السلام ) لمّا علم بمصير الأمر إلى ذلك الحال ، صبر على ما هو أحرّ من الجمر ، وتجرّع ما هو أمرّ من الصبر ، وكفّ اليد عن القتال ، فالعلّة الحقيقيّة في عدم المحاربة هو علمه ( عليه السلام ) بما قد قضي عليهم من الاختلاف ، وارتكاب جادّة الخلاف ، وأنّ الحرب معهم والحال ذلك لا يثمر الاّ زوال الاسلام بكلّيته ، بأن يرتدّوا كلاًّ وليس ثمّة سواهم من يمكن انتظام أمر الاسلام به الاّ تلك السبعة أو الثلاثة ، وما نسبة هذه السبعة فضلاً عن الثلاثة في أقطار هذا العالم إذا كانوا كلّهم على الكفر ، مع رجاء تقوّي الاسلام بالصبر على مضض تلك الآلام برجوع من يرجع من أُولئك الأنام ، وخروج تلك الودائع التي في الأصلاب والأرحام . وحينئذ فما ورد في أخبار الأعذار من ترك المحاربة لقلّة الناصر ، أو لخوف الارتداد ، أو لانتظار خروج الودائع كلّه على جهة التقريب لما تقتضيه عقول المخاطبين ، كما لا يخفى على الحاذق المكين . وما ورد في أخبار العذر الثاني من التعليل بعدم المساعد ، فالمراد به المساعد الذي يقوم به الاسلام ، ويحصل به الانتظام بعد ارتداد أُولئك الأقوام ، لا أنّه صلوات الله عليه تضعف قوّته عن حربهم وشوكتهم ، ويهوله كثرة أعدادهم وصولتهم ؛ لأنّه ( عليه السلام ) لا تهوله الصفوف ، ولا يكترث بالأُلوف . فما توهّمه بعض مشائخ العصر من المحدّثين ، من أنّ تركه الحرب معهم انّما هو من حيث أنّ تلك القوّة التي كانت له في زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لم تكن له بعد وفاته ( صلى الله عليه وآله ) وقوفاً على ظواهر بعض الأخبار الواردة في هذا المضمار ، لا ينبغي أن يصغى إليه ولا يعرج عليه ، كيف ؟ وقد صرّح ( عليه السلام ) في بعض تلك الأخبار المتقدّمة