نام کتاب : الزيارة والتوسل نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 71
يفعلون ذلك ، ويكره إلا لمن جاء من سفر ، أو أراده . قال ابن القاسم : ورأيت أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوا أتوا القبر فسلموا ، قال : وذلك رأيي . قال الباجي : ففرق بين أهل المدينة والغرباء ، لان الغرباء قصدوا لذلك ، وأهل المدينة مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والتسليم [1] . وفيه فائدتان : الأولى : أن جمهور الناس في القرن الثاني للهجرة ، حيث عاش مالك ، كانوا متفقين على المداومة على زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، يصنعون ذلك مرارا ، ويدعون عند قبره على الدوام ، وهم جيل اتباع التابعين ، الذين ورثوا عن التابعين عاداتهم وعباداتهم . والثانية : أن مالكا ، كان يجيز القصد إلى الزيارة ، ويحبذه ، فيدعو المسافر أو القادم إلى التوجه لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاصدا لذلك . وهذا ما قاله الباجي في شرح كلام مالك ، مؤكدا أن قصد الزيارة هو المبرر الذي اعتمده مالك في جوازها ، بل استحبابها ، قائلا : لان الغرباء قصدوا ذلك . أما عن رأي مالك ، كما قال السبكي ، فهو أن الزيارة قربة ، ولكنه على عادته في سد الذرائع يكره منها الاكثار الذي قد يفضي إلى محذور . وهذا واضح في كلام مالك الآنف الذكر ، وهو يحبذها للغرباء والمسافرين . وأما أئمة المذاهب الثلاثة الأخرى ، فهم يقولون باستحبابها واستحباب