لدراسة عدة نقاط ، أهمها هذه الظاهرة التي لم تكن وقفا على تاريخنا المعاصر فحسب - كما هو واضح - ولا حكرا عليه ، بل كانت ولا زالت نلمس معالمها من خلال رغبة بعض العلماء والكتاب والأدباء والساسة في إخفاء أسمائهم الحقيقية ، وراء أسماء قلمية ، أو رموز وإشارات خاصة يعمدون من خلالها إلى إخفاء ما في نفوسهم من دواعي دينية أو سياسية أو اجتماعية أو . . غير ذلك . وقد أكثر العرب القدامى في استعمال الكنى والألقاب وتفننوا فيهما ، إذ نجدهم قد أطلقوها على الرجال والنساء والسيوف والجمال والرياح والخيول و . . وقد وضعوا لكل واحد منها الأسماء المختلفة لستر المسميات المميزة [1] . وإذا ما نظرنا في أسباب هذه الألقاب وأمعنا النظر في حوافزها ودوافعها التي أولدتها أو دعت إليها لوجدناها - حينذاك - متعددة ومتنوعة لا تدخل تحت ضابطة معينة ، إذ نجد : هناك طائفة نطق أصحابها في مواطن خاصة بألفاظ صارت لهم شهرة يتلبسونها ، وألقابا يدعون بها فلا ينكرونها ، كالقيرواني مثلا . وآخرون ممن جاءهم اللقب أو الكنية نتيجة لعاهة فيه ، أو عيب جسمي يعتريه ، فأوجب لحوق ما لحقه واشتهاره به ، كالأعشى ، والأحوص ، والبصير . . وطائفة من الألقاب جاءت لتدل على الاستخفاف والاستهانة بالملقب بها ، كابن العاهة ، وأنف الناقة . . وأخرى ألقاب تنم عن تعظيم صاحبها وتبجيل المتحلي بها ، كشيخ الطائفة ، والديباج ، وزين العابدين ، وذي الرياستين . . وطورا اشتق اللقب من حرفة امتهنها صاحبها ، كالرفاء ، أو الصائغ ، أو
[1] طبعا هذا أحد دواعيها . . لاحظ كتاب المرصع لابن الأثير وغيره .