نام کتاب : الروض النضير في معنى حديث الغدير نویسنده : فارس حسون كريم جلد : 1 صفحه : 396
والتحمل ، فيمد يديه الكريمتين ، ويضعهما على رأسها ، فيمسه برقة وحنان ، وهو يقول لها : " لا تبكي يا بنية ، فإن الله مانع أباك ، وناصره على أعداء دينه ورسالته " [1] . وشاء الله تعالى غير ذلك ، فأمره صلى الله عليه وآله بالهجرة والانتقال من أرض مكة إلى يثرب ، فهاجر صلى الله عليه وآله كما هاجر إبراهيم وموسى عليهما السلام من قبل ، خرج صلى الله عليه وآله من مكة مستخفيا بظلام الليل ، تاركا وطنه وأحباءه وأهله ، وفيهم فاطمة عليها السلام ابنته الحبيبة ، وابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام ، عونه وسنده ، وسيفه الضارب المقدام ، وفدائيه الشجاع ، لقد ترك عليا عليه السلام نائما في فراشه ، وأوصاه أن يرد الأمانات التي كانت عنده صلى الله عليه وآله إلى أهلها ، ثم أمره أن يلتحق به ، أن يهاجر إلى يثرب ، ويصطحب معه أهل بيته ، وينفذ علي عليه السلام الوصية ، ويشتري الركائب لحمل النسوة ، ويجمع أهله وعياله ، ويلتئم شمل الركب الهاشمي المهاجر بقيادة علي بن أبي طالب عليه السلام ، فيضم الفواطم : فاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه وآله ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم عليها السلام - أم الإمام علي عليه السلام - ومربية رسول الله صلى الله عليه وآله ، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ، وفاطمة بنت حمزة ، والتحق بهم أيمن ، وأبو واقد الليثي . ويمضي الركب عبر صحراء الجزيرة يغذ السير ، ويصحر في وضح النهار ، بتحد واستهانة بكبرياء قريش وغرورها ، فإنه يستظل بسيف علي بن أبي طالب عليه السلام قاهر الجاهلية ، ومحطم أصنامها وصلفها ، خرج علي عليه السلام بالركب ، لا كما خرج غيره من المهاجرين المستضعفين تحت جنح الظلام ، أو