بمثله ، فأعاد عليه ثالثاً ، فبكى أمير المؤمنين عليه السلام ، فنظر إليه عمار فقال : يا أمير المؤمنين إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله صلى الله عليه وآله . فنزل أمير المؤمنين عليه السلام عن بغلته وعانق عماراً وودعه ثم قال : يا أبا اليقظان جزاك الله عن الله وعن نبيك خيراً ، فنعم الأخ كنت ونعم الصاحب كنت . ثم بكى عليه السلام وبكى عمار ثم قال : والله يا أمير المؤمنين ما تبعتك إلا ببصيرة ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم خيبر : يا عمار ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه فإنه مع الحق والحق معه ، وستقاتل الناكثين والقاسطين ، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الاسلام أفضل الجزاء ، فلقد أديت وأبلغت ونصحت . ثم ركب وركب أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم برز إلى القتال ، ثم دعا بشربة من ماء فقيل له : ما معنا ماء . فقام إليه رجل من الأنصار فأسقاه شربة من لبن ، فشربه ثم قال : هكذا عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من اللبن . ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفساً ، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمه الله ) . . * * ( 3 ) قال الله تعالى : ( اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِى الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) . ( الحديد : 17 ) وقد استفاض تفسيرها عن أهل البيت عليهم السلام بأن إحياء الأرض في هذه الآية غير يختلف عن الآيات الأخرى ، وأن القصود به إحياؤها في آخر الزمان بالإمام المهدي عليه السلام . ويؤيده : سياق الآية الذي يتكلم عن خشوع مجتمع المؤمنين لله تعالى وأن لا يكونوا قساة القلوب من طول الأمد كالذين طال عليهم الأمد من قبلهم ، فهو كلام عن مستقبل الأمة الإسلامية ! . ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ . اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ( الحديد : 16 - 17 ) كما يؤيده أن الله تعالى استعمل تعبير إحياء الأرض في عدة مواضع ، ولم يصدِّره ب ( إعلموا ) إلا في هذا المورد ، وأنه استعمل تعبير إعلموا في بضعة وعشرين موضعاً ، كلها مهمة وتمثل أهم الأمور التي ينبغي للمؤمنين أن يعلموها . . وإحياء الأرض السنوي لا يحتاج إلى تنبيه بقوله : ( إعلموا ) .