التعابير ، لعدم وجود غيرها في عالمنا الأرضي ! في الكلام الصادر من الوحي لا مجال لدخان الخطأ ، ولا لدخان الهواء لأنه : يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ . على أن هذا الامتياز بين هذين الكلامين أو ( الفكرين ) هو الامتياز الأصغر ! أما الامتياز الأكبر فهو أن الفكر الصادر من التفكير البشري مباح لكل وارد ، فأي شخص عنده قدرة تفكير يمكنه أن يفكر وينتج ، لا شرط فيه لطهارة بدن ولا جيب ، ولا صفات كمال ، ولا جمال ! ولذا ترى في قمة الفكر البشري أشخاصاً حتى من الوثنيين والمجوس والزردشتين ، أمثال بهمنيار في مدرسة ابن سينا ! وليس واضحاً ما يؤثره فيهم هذا الفكر ! أما الفكر الناشئ من الوحي الإلهي فليس مباحاً لكل وارد ، بل إن لأهله مواصفات وشروطاً ، هكذا صانه الله تعالى إلا عن أهله ، فاقرأ آخر آية النور : يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَئٍْ عَلِيمٌ . فهو علم خاص لمن قرر الله أن يهديه اليه ، وهذا هو المائز الأكبر له عن الفكر البشري العام ، الذي يجعل المسافة بينهما أبعد من السماء إلى الأرض ! ويجعله علماً لأخص الخواص من البشر ! والشاهد على ذلك أن ابن سينا في أواخر حياته ، بعد أن قضى عمره في التفكير البشري ، والتعمق في طرق الإستدلال النظرية ، وتعبت جبهته من الاصطدام بصخور المعرفة . . وصل إلى الحقيقة وأعلن مقولة الوحي : ( جل جناب الحق أن يكون شريعة لكل وارد ) ! لقد فهم أن الحكمة الإلهية ليست كالفكر البشري مباحة لكل وارد مهما