قال سليمان : لا . قال الرضا عليه السلام : فكيف نفيتموه ؟ قلتم لم يرد ، ومرةً قلتم أراد ؟ ! وليست بمفعول له . قال سليمان : إنما ذلك كقولنا مرة علم ومرة لم يعلم . قال الرضا عليه السلام : ليس ذلك سواء ، لأن نفي المعلوم ليس بنفي العلم ، ونفي المراد نفي الإرادة أن تكون ، لأن الشئ إذا لم يرد لم تكن إرادة فقد يكون العلم ثابتاً وإن لم يكن المعلوم بمنزلة البصر ، فقد يكون الإنسان بصيراً وإن لم يكن المبصر ، ويكون العلم ثابتاً وإن يكن المعلوم . قال سليمان : إنها مصنوعة . قال عليه السلام : فهي محدثة ليست كالسمع والبصر لأن السمع والبصر ليسا بمصنوعين وهذه مصنوعة . قال سليمان : إنها صفة من صفاته لم تزل . قال عليه السلام : فينبغي أن يكون الإنسان لم يزل ، لأن صفته لم تزل ؟ ! قال سليمان : لا ، لأنه لم يفعلها . قال الرضا عليه السلام : يا خراساني ما أكثر غلطك ! أفليس بإرادته وقوله تكون الأشياء ؟ قال سليمان : لا . قال : فإذا لم تكن بإرادته ولا مشيئته ولا أمره ولا بالمباشرة ، فكيف يكون ذلك ؟ تعالى الله عن ذلك ! فلم يحر جواباً . ثم قال الرضا عليه السلام : ألا تخبرني عن قول الله عز وجل : وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا ( سورة الإسراء : 16 ) يعني بذلك أنه يحدث إرادة ؟ قال له : نعم . قال عليه السلام : فإذا حدث إرادة كان قولك إن الإرادة هي هو أو شئ منه باطلاً ، لأنه لا يكون أن يحدث نفسه ولا يتغير عن حاله ، تعالى الله عن ذلك . قال سليمان : إنه لم يكن عنى بذلك أنه يحدث إرادة . قال : فما عنى به ؟ قال : عنى فعل الشئ . قال الرضا عليه السلام : ويلك كم تردد في هذه المسالة ؟ وقد أخبرتك أن الإرادة محدثة لأن فعل الشئ محدث ؟ ! قال : فليس لها معنى . قال الرضا عليه السلام : قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له ، فإذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم إن الله عز وجل لم يزل مريداً . قال سليمان : إنما عنيت أنها فعل من الله تعالى لم يزل . قال عليه السلام : ألم تعلم أن ما لم يزل لا يكون مفعولاً وقديماً وحديثاً في حالة واحدة ؟ فلم يحر جواباً !