أنفسنا التفقه ، وتجاه الناس الإنذار : رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً ( سورة النساء : 165 ) ، فلابد أن نقتدي في دعوة الناس إلى الله تعالى بالأنبياء عليهم السلام ، يعني أن تتعلموا مخاطبة الناس من طريقة مخاطبه الله تعالى لهم . للقرآن في تربية البشر طريقتان : إحداهما التخويف من المسؤولية والمستقبل والثانية بعث الرجاء والأمل في نفوسهم . فلماذا نرى التأثير في الناس قليلاً ، وتطبيقهم للأحكام الشرعية قليلاً ؟ إن السبب يكمن في تبليغنا وخطابنا للناس عندما لا يكون على أساس صحيح ، فنحن لم نستفد كما ينبغي من طريقة الرسل والأنبياء عليهم السلام في تحريك الفطرة التي فطر الله الناس عليها ! إن طريق تربية الناس توجب أولاً أن نتفقه نحن ! أرجو أن تتأملوا أن كلمة ( تفقُّه ) من باب ( التفعل ) الذي يعني قبول الفقه ، وأن تكون شخصية أحدكم بلون الفقه ، لا أقصد اللون الظاهري فقط ، بل أن يرسخ الفقه في الأعماق ، فينعكس لونه على الشخصية . فإن حصلتم على هذه المرحلة ، فقد حصلتم على التفقه . وإذا صار الإنسان متفقهاً ، فمحال أن لا يحدث في سلوكه تحول ! إن فقه الدين حالة إذا رسخ في فكر الإنسان وصار له خلقاً ، فإن نفسه تتغير لا محالة ، وإذا تغيرت نفسه نحو الكمال ، فقد آن الوقت الذي يكون فيه منذراً ، وحينئذ لابد أن يؤثر في الناس ويغيرهم . المتفقه في دينه عندما يقول للناس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شئ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا