الروح التي صنعت لتحل فيه ، والتي أكرمها الله أن يصل بدنها إلى مرحلة : فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ، ( سورة الحجر : 29 ) ، والى أن يكتب الله تعالى على باب جنته : ( فاطمة خيرة الله ) ؟ ترى من كان بدنها كهذا البدن ، فما هو نوع روحها ؟ ! ماذا في تلك الروح ، وما هو مقصدها في الوجود ؟ ! إن المصنع الإلهي قائم على الحكمة ، والصانع هو ذلك الحكيم الذي يدير كل منظومة الوجود التي لا يحدها الحس البشري ، والذي هو اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ . ( سورة البقرة : 255 ) ، وكل هذه العظمة والحكمة في عالم المادة ، الذي لا يساوي بالنسبة إلى بقية الوجود أكثر من حصوة المثانة ، على حد تعبير المحقق السبزواري رحمه الله . ذلك الحكيم سبحانه الذي يدير كل تلكم العوالم ، ما غرضه من خلق روح فاطمة الزهراء وبدنها ؟ ! ما غرضه في أن يأخذ الإنسان الأول في الوجود إلى شجرة طوبى التي تحدث عنها لعيسى في الإنجيل ، وذكرها في القرآن فقال : الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ . ( سورة الرعد : 29 ) ، ويطعمه من ثمرها فيتحول ثمرها إلى نطفة في بدنه ، ثم يحل في رحم امرأة أعطت كل ما تملك لربها ، قالوا كانت تجمع ما عندها من حلي وزينة فيبلغ قامة الإنسان ولا يرى الواقف إلى جنبه ! لكنها عندما حضرتها الوفاة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله ليس عندي ثمن كفن ، فأنزل الله تعالى لها كفناً مع جبرئيل عليه السلام ! أمٌّ كهذه ، وأبٌ كهذا ، وبدنٌ فاطمة من ثمار طوبى ، وروحها تلك الروح العليا . . فأي موجودة تكون فاطمة عليها السلام ؟ ! هذا كله ألف باء المطلب ، أما أوْجهُ وختامه فيحتاج إلى فقيه حكيم قد استكمل أصول البحث العقلي والنقلي ، ليدرك نهاية هذا المسار !